د.محمد العبادي ||
يمتلك العراق طاقات كبيرة وثروات كثيرة ، لكن مما يؤسف له لم تستغل تلك الطاقات والثروات استغلالا صحيحا .
العراق لاينقصه الأموال والثروات ، ولاتنقصه الكفاءات، وأيضا لاتنقصه كثرة الأحزاب ، ولاتنقصه الحريات ، بل ينقصه حسن الإدارة والتدبير .
يحق لي بعد أن تعلمت الإدارة على يد متخصصين ان أقول أن الإدارة في العراق كانت ولازالت هي ( إدارة ترسلية أو سائبة) بحيث نلاحظ أن كثير من المسؤولين قد تخلى عن مسؤوليته ، وربما (بعضهم) لا يعرفون وظائفهم وطبيعة عملهم .
وقد يقال بعبارة هجومية وحادة ان الإدارة في العراق هي إدارة للهبوط والتراجع والفساد .
ان حج الانفاق خلال أكثر(١٧) سنة كبير جدا وبصل إلى أرقام نجومية ومع ذلك فإن نسبة البطالة عالية ،وأيضا لازالت نسبة الخدمات متدنية جدا .
على كل حال نحاول في هذه العجالة ان نشير بإصبع التحديد إلى بعض الأولويات التي تشغل خاطر المواطن العراقي في المرحلتين الحالية والقادمة ، وهي كما يلي :
🔴 تقديم الخدمات : اعتقد ان هذه المشكلة عامة تشمل جميع المحافظات، وإن تفاوتت واختلفت نسبة تردي الخدمات من محافظة إلى أخرى .
ان حجم الانفاق منذ سنة ٢٠٠٤م وحتى سنة ٢٠٢٠م يصل الى أكثر من (١٣٦٠) تريليون دينار عراقي ولازالت نسبة الخدمات متدنية جدا . لازالت أزمة الكهرباء قائمة حتى بعد صرف أكثر من (٦٤) مليار دولار في حين ماحصلنا عليه من هذه المليارات المصروفة هو (١٦) ألف میگا واط مع موروث من (۵) آلاف میگا واط !!! توجد مشكلات خدمية أخرى مثل مشكلة المياه الصالحة للشرب ، مشكلات الصرف الصحي ، مشكلة الطرق والجسور ووسائط النقل ، مشكلة الاتصالات و..و..الخ .
ان هذه المشكلات تظهر جلية في كل فصول السنة امام أعين الناس وربما تلازمهم في جميع أوقاتهم ، ومن المفترض أن يتوفر للناس ولو نسبة مقبولة من الخدمات .
🔴 محاربة الفساد : هذه المشكلة نشبت بأظافيرها في جسم العراق وخلقت تقرحات كثيرة .
في موضوع الفساد يوجد فساد أداري ومالي مثل الفضائيين أو( الموظفين الوهميين أو الشبح ) والذين يقدرون بعشرات الآلاف . ومثل عقارات الدولة والتي تحولت إلى أملاك شخصية أو تم استيجارها أو بيعها بثمن بخس .
وهناك موضوعات أخرى مثل الجمارك والمنافذ الحدودية وشركات الاتصال وغيره .
ان الفساد يعتبر أحد المسائل التي تشغل بال الناس ويتطلعون إلى ايجاد حل لهذه المشكلة القائمة والتي وضعت العراق حسب منظمة الشفافية الدولية في بالمرتبة ١٦٩ من أصل ١٨٠ بلدا .
هناك بعض المواقع الإعلامية تقول بوجود (٨٠٠) ملفا للفساد !
من العجيب أن الكل ينادي بمحاربة الفساد واستئصال شأفته حتى أولئك الذين هم أصل الفساد ينادون وبصلافة بالإصلاح ومحاربة الفساد ، وهم _ اي الفاسدون_ مثل ذلك اللص الذي كان يحاول سرقة سيارة أحد الناس وعندما شاهده أحدهم من الذين يسكنون الزقاق ناداه: يا هذا ماذا تفعل ؟! وعرف أنه لص فنادى مستنهضا الناس ( حرامي حرامي امسكوه) خرج الناس لمعرفة اللص والإمساك به وأخذوا يهرولون خلفه ،لكنه كان ذكيا وأخذ يردد مثل باقي الناس حرامي حرامي فظن كل من شاهده أنه يريد الامساك باللص ، وفلت من بين ايديهم بعد أن ضللهم .
🔴 إيجاد حل لمشكلتي البطالة والفقر : لا أؤمن بالأرقام التي تعلنها بعض المنظمات الدولية أو التي ينشرها الإعلام لانها احصاءات من دون قاعدة بيانات قائمة على معلومات دقيقة، وعمادها انها مبنية على التكهنات والتخمينات ولا توجد أرقام دقيقة عن نسبة البطالة أو عن نسبة الفقر في العراق
فهناك أرقام قدمها تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام ٢٠١٩م يقول ان نسبة ١٨.٩% يعيش تحت خط الفقر ، وأن نسبة البطالة في فئة الشباب ٢٥.١% ، وهناك تقديرات إعلامية أخرى تقول ان نسبة البطالة في صفوف الشباب تقدر بحوالي ٤٠% .
على كل حال فإن الناس يريدون أن يعيشوا عيشة راضية في توفير فرص العمل لهم أو توفير الأرضية المناسبة للعمل .
🔴 الابتعاد عن المحاصصة السياسية والطائفية والقومية : أظن أن المواطن العراقي يشعر بالألم والأسى من المحاصصة والتي تفتك بأسس الدولة المدنية والحضارية .
وربما إمتلأت اذهاننا من الأمثلة الكثيرة التي يتقدم فيها غير الخبير والمختص على أصحاب الشهادات والكفاءات والخبرة وشاهدنا تأثير النسب والمحسوبية والحزبية والتشفع والعلاقات في رفع التافهين إلى سدة المسؤولية .
🔴 الصحة وجائحة كورونا : ربما تراجع الحديث عن أولوية موضوع جائحة كورونا بعد تراجعت الإصابات بهذه الجائحة .
ان خطر هذا الفيروس لازال يهدد المجتمع ، ومن الممكن أن ينتشر بسرعة فيما لو تم التغاضي والتساهل في هذا الموضوع لاسيما وأن هناك سلالة جديدة منه تحصد بأرواح الناس في بريطانيا ودول أخرى .
ربما هي عناية الله ورحمته قد شملت الشعب العراقي وازاحت عنهم هذا البلاء أو خففت من غلوائه ، وقد تكون أسباب أخرى قد ساعدت على تقليص نسبة عدد الاصابات . في كل الأحوال فإن الخدمات الصحية في العراق متواضعة جدا ويحتاج المواطن إلى توفير نظام للسلامة والثقافة الصحية وتوفير الحماية والخدمات الصحية .
🔴 توفير الأمن : ان الأمن هو إحدى الحاجات الضرورية والتي تمد الإنسان بالطمأنينة والراحة وحتى في (هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية ) قد وضع حاجة الأمن في المرتبة الثانية لأن الانسان في حياته يحتاج إلى الأمن الوظيفي والأسري والمجتمعي ، وقد شاهدنا ماذا فعل إنعدام الأمن من قتل وتخريب وتهجير وشلل في الحياة العامة .
هناك مسائل أخرى تحظى بأهمية في حياة المواطن العراقي مثل التعليم والانتخابات والبيئة والعلاقات مع الدول الإقليمية والدولية وربما تتقدم هذه المسائل وهموم أخرى داخلية عند السياسيين والحزبيين وأشباههم .
ان المواطن العراقي يحتاج إلى تأمين العيش الكريم له ، ويجب أن تؤخذ متطلباته الحياتية بنظر الاحترام والاكرام من خلال وضع الخطط والبرامج العملية ومتابعة تنفيذها .
ـــــ
https://telegram.me/buratha