حسن المياح||
على عجالة وضيق وقت , دبج يراعنا الفقير المتيم بحبكما زفرات روح والهة محبة , وآهات روح عاشقة , لرؤياكم ومصاحبتكم , لتستمع الى أحاديث جنان خلودكما , ونعيم عطاء ربكما...
والدموع بفيض تنهمر , واليد راعشة , ووجيف القلب يتسارع شوقآ لمعانقتكما ....
فأين أنتما ?
أكيدآ مع النبي محمد بن عبدالله وآله المعصومين الميامين عليهم أفضل السلام وأزكى التسليم , تتجاذبان الحديث الطاهر العذب الذي يسيل عطرآ ياسمينآ من بين شفتي محمد , تكلله شفقة وحنو وحنان ورقة مقلتي علي , وتخضبه دماء الحسين النازفة التي ما زالت تغدق ثمارآ عطاءآ , وألمآ موجعآ , وبلهيف قلبه الذي طال أملآ شغوفآ للإرتماء بحضن إمه فاطمة عليها السلام والتبريكات والصلوات وخالص الأدعية والصلوات..
وكل هذا صادر من قلب محمد ... ,
وعقل علي ... ,
ومهجة الحسين ... ,
ولهيب عاطفة , ودفء حضن فاطمة ....???
وآه يا محمد الودود العطوف العظيم ..... ,
وآه يا علي الممتحن الصابر المألوم ..... ,
وألف آه يا حسين المضحي الشهيد المحتسب الى ربه الكريم .... , يا شهيد الله في كربلاء ..?
وعدد لا ينتهي من الآه .. والآهات ... والأنين .... والزفرات ..... من قلب فاطمة المعصورة على الحائط ... الكسيرة الضلع ... التي أسقطوا جنينها ظلمآ وعدوانآ ..?
الإنتماء ليس بالقسر والفرض , ولا بالتلويحات والجواذب , ولا بسحر المال ووشوشة التمنيات , ولا هو بالوعيد والتهديد , ولا هو بالعجرفة والتنديد .
وليس الولاء بالمناصب والأعطيات , ولا بالأرتشاء والدهونات , ولا بالصحبة الممنية والرفقة المؤملة الفاشلات , ولا بفانتازية التهويلات وبرطلة الإغراءات .
الإنتماء والولاء مسؤولية ضخمة لا تتحملهما إلا فطرة الإنسان السليمة القويمة , وأنهما إستقامة سلوك على خط عقيدة لا إله ألا الله المنسجمة مع أصالة وجود الإنسان , وأنهما سجية إعتقاد وخلق , وصفاء ونقاء , وطهر ونظافة , بإيمان راسخ ثابت ونزاهة , لا من أجل ترف وفهاهة , ولا من أجل كبرياء وصلافة , ولا غايتهما مليء الكرش وإنتفاخ معدة , وهواء ذهن وشرود عقل , وإنغلاق قلب عن تلقي فيوضات من خلق الكون والحياة والإنسان .
الإنتماء والولاء إعتقاد بجزم ويقين , وإيمان بصدق وإخلاص , وإتباع بوعي ورشاد , كالرضيع الذي يهتدي الى حلمة الثدي لتلقي النبع الصافي من حليب الأم الرؤوم التي تفدي وتخدم فلذة كبدها بنفسها من الجوع والأذى , ومن التيه والضياع , ومن الضلال والصنمية , لأنها نذرت نفسها لهداية ولدها وإسعاده , ولدوام توفيقاته وإنماءه , ولإرتقاء إرتفاعاته وصعوداته , في عز حنان , ودوحة سلام , وحفظآ تامآ من كل الشرور والموبقات , والسيئات والإنحرافات , والميول والإنخفاظات , والرذائل والمترديات , والمرفوضات والنائبات .
تلك هي حقيقة الإنتماء والولاء التي تخلقهما الشهيدان الأخوة الرفقاء التوأم إعتقادآ وإيمانآ , وزاولاهما سلوكآ وخارطة طريق بكل إخلاص ونقاء , وخلوص وأمانة .
وهما ~ تعلية على كل هذا وذاك ~ اللذان يعتقدان وقد تربيا على أن الشهادة ~ بمفهومها الرسالي القرآني ~ آية من آيات الوعي الحركي المعمق الصادق لعقيدة لا إله إلا الله .
وأن المؤمن الواعي هو اللولب المتحرك المنفتح على إلتهام وهضم مفاهيم القرآن , وأنه لا بد له أن يكون المصداق الأمثل , والإنموذج الأوفى , لحركية القرآن سلوكآ في تربية وتهذيب , وإرشاد وتقويم , وتنمية وثراء روح العزم على التضحية والفداء .
لذلك يرى المؤمن الواعي الحق الشهادة أنها مقدمة واجب رسالي لملاقاة المحبوب الذي نذر نفسه أن يكون في دنو من قرباه ليراه , غير عابيء بحياته ويتاماه , ليحظى برضوانه ويتبادل الحديث الحبيب مع من أحب غير مائل الى سواه .
لذلك تراه يخلص للمعشوق الحب الواعي والود عاطفة , ويجد السير الحثيث المتسارع المتصاعد , ليحقق غاية ما هدف اليه من ملاقاة معشوقه الأبدي دنيآ وآخرة . وليحرز العيش الكريم في ظلال كنفه الرحيم المطمئن الخالد الذي يدوم سرمدآ , وهو المجدد الوصال نماءآ كل لحظة , توقآ شغوفآ , لينهل من وارد فيوضات الحبيب نسمات العشق الندية , لينعش كل خلية , من خلايا وجوده النازف دماءآ بلسمآ شافيآ , من أجل أن يعمد الطريق عطر منشم زاهيآ , تفوح منه سرور اللقاء , وحب الإندماج , وود الذوبان عشقآ وإلتصاقآ ......
فالشهادة عنده هي مركب عرس الوصال , ووسيلة تعجيل التلاقي , وأنها الأداة الموصلة الأمينة الأكيدة الى أسوار حبه المحور , ليذوب في الله عشقآ مدامآ مستديمآ ..... ???
تلك هي حقيقة حكاية الشهيدين الأخوين التوأمين عقيدة وإيمانآ , ووعيآ وسلوكآ , وأخلاقآ وتطبيقآ , وتضحيات ومصيرآ , ومسيرة وتاريخآ , جمال المهندس والفارس القائد سليماني , رضوان الله عليهما , اللذين يرفلان مستبشرين عزآ وسعادة وكرامة , في فردوس الخلود , عند رب عزيز رحيم رؤوف مليك واهب مقتدر , وحسنت تلك الرفقة الأخوية التوأم , وطاب ذلك الجهاد المضحي المضمخ بالدم , وسمت تلك الشهادة الطيبة المطهرة الطاهرة الموفقة , التي لا تضر معها سيئة , التي أشرقت منها العاقبة رزقآ حسنآ في الختام , ولذ العيش في غنى ... , ووئام ... , وسلام ...... ???
نعم ... , وأجل ... , وبلى ...
أن المهندس بجمال روحه , وسليماني بفروسية قيادة وعيه , قد تعاهدا فيما بينهما في صغرهما , ومنذ نعومة أظافرهما , وعاهدا الله جل جلاله , أن يكونا إخوة توأمآ في كل ما أحل الله وشرع , وفي كل ما أوجب وأندب ... . فهما أخوان عبادة وجهاد , وهما توأم سلوك وأخلاق , وهما واقع زهو وإنتصار , وهما بلسم شفاء جروح الشباب , حينما يحمى وطيس الحرب والقتال , ووقتما يشتد النزال , وساعة يعلو صوت هدير المدافع , فترتفع هام ورؤوس المقاتلين الأبطال , الشراس في حومة النزال , وإشتداد الإشتباك والقتال , مبتسمين بهلهلة وتكبير , لما تلوح اليهم إشراقة وجنات التوأم في الكفاح , ولما يبلج نور جبهتيهما ويميط اللثام بريقآ كاشفآ , وبرقآ راعدآ , مزمجرآ زئيرآ في النضال , فيزدادوا عزمآ بشجاعة , ويمتلؤا بسالة بإرادة , وينفتحوا بتزود الغذاء وعيآ بصيرآ , بإقتدار وحكمة وجلال .
ذانك هما جمال المهندس والفارس القائد سليماني ..!
ما فكرا يومآ بالموت , ولا بمفارقة الأهل والأحبة , لما إقتفيا السير في طريق ذات الشوكة , وإتخذاه مسلكآ , وهما يعلمان وعورته وصعابه , ومنعرجاته وشعابه , ويدركان أنه ملغوم مفروش بالأشواك والعاقول , والمدميات والمتفجرات , وأنه المليء بالمطبات والمعرقلات , والتعرجات والمنعطفات , والخسائر والتضحيات , وما الى ذلك من مثبطات ومزعجات ; لأنهما يؤمنان بأن هذا الطريق هو مسلك الجهاد الذي هو باب من أبواب الجنة , مفتوح لمن يرغب في ولوجه ..... , وهو سبيل الشهادة التي هي الحياة الحقيقية التي ما بعدها حياة ووجود وكينونة , والتي وصفها الله سبحانه في قرآنه الحكيم بأنها الحياة السعيدة الهانئة , برزق كريم طيب وفير :
" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتآ بل أحياء عند ربهم يرزقون "
ما أسعدها من حياة , وما أجملها ... , وما أجلها , وما أزكاها ... , وما أنماها , وما أثراها ... , وما أرقاها , وما أسماها ... , وما أرفعها , وما أعلاها ... , وما أعطرها , وما أبهاها .
إنها حياة العز والكرامة والخلود عند الله المليك المقتدر , العزيز المفضل , الحنان المنان ..
" يرزقون "
ما أحلاها من كلمة , وما أعذب وقع جرسها , حينما تدغدع السمع عزف موسيقاها ووشوشة شدواها , وحينما تلامس القلب الراجف ألحانها ... !!!
وما أوفره من رزق , وما أطيبه ... !!!
إنه الفيض الإلهي الذي وعد به الله عباده المجاهدين المقاتلين الصابرين المصابرين المرابطين , الباذلين المهج عن وعي وإيمان ويقين , والمضحين بالأرواح والوجود الدارج على الأرض عن إرادة وعزم وبصيرة وتصميم ....
" تلك هي الشهادة . "
والشهادة في عقيدة المهندس وسليماني , هي عرس وفرح ولقاء الأحبة العاشقين .
وما قذائف نار وحقد وطغيان الإستكبار الأميركي المجرم الغادر اللئيم التي صوبت حممها القاتل على الشهيدين المؤمنين البطلين النحريرين المهندس وسليماني , إلا رسل بشائر لإعلان ساعة ملاقاة الحبيب حبيبه ..... ,
وأنها جرس تنبيه لتهيئة الحال لمعانقة العاشق معشوقه ..... ,
التي كان يتمناها وينتظرها لحظة بلحظة التوأم الشهيد بفرح وحبور , وبإبتهاج وسرور ???
ولا بد لأرض رسالة السماء , ودين الله الإسلام , من سماد وماء , للخصب والرواء , للثبات والنماء ..... ,
وما ذلك إلا تلك الأجساد الطيبة المزكاة العاطرة , وتلك الدماء النازفة الطهورة الطاهرة ..???
https://telegram.me/buratha