د.محمد العبادي ||
كتب لي أحد الأصدقاء خبرا مقتضبا ينص على ان ( الاستخبارات: القت القبض على إرهابيين اثنين في بغداد ) ، ثم علق هذا الصديق المغترب على الخبر قائلا :( هذول الدواعش والمجرمين ليش مايطلع تحقيق بيهم بالتلفزيون ويبينون ارتباطاتهم بيمن صار اسنين يقبضون عليهم وين ايخلوهم . خاف ايسلموهم للامريكان لو ايبيعونهم للخليج . خوش شغله ) ! انتهى .
اتفق مع صديقي في تعليقه بتساؤلاته ، لكن اختلف معه في التشكيك الذي ربما يمس نزاهة القوى الأمنية العاملة بمهنية .
لقد دخل إلى العراق آلاف الارهابيين ، وقاموا بعمليات خطف وقتل وتفجير وتخريب ، وحسب تقرير عن مؤسسة ( صوفان غروب )الأمريكية المتخصصة في شؤون الأمن الإستراتيجي؛ فإن المجموع الكلي لتنظيم داعش من جنسيات اجنبية بلغ ما بين ٢٧ الفا إلى ٣١٥٠٠ الفا ، من مجموع المقاتلين في صفوف داعش حيث تشير بعض الدراسات إلى أن مجموع الدواعش حوالي (٣٦٠ ) الف مسلح .❗وأن هؤلاء الارهابيين حسب تصريح اللواء الركن سعد العلاق مدير الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع جاءوا من (٤١) دولة ، لكن وزير خارجية العراق السابق محمد علي الحكيم قال في مؤتمر صحفي في أكتوبر ٢٠١٩م ان :( عدد عناصر التنظيم كبير جدا،وجاءوا من ٧٢ دولة)❗.
وتم تحديد جنسية الارهابيين لدول عربية تتصدرها السعودية والاردن ومصر وتونس والمغرب وغيرها ، وايضا لدول غربية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها .
ان بعض الدراسات تشير إلى وجود عدد كبير من دول عربية وخليجية وخاصة السعودية وانهم يحتلون مراكز قيادية متقدمة في هرم التنظيم الإرهابي ؛ ففي دراسة أعدها مركز الدراسات الألماني( فيريل) قال ان عدد السعوديين في تنظيم داعش يصل إلى(٢٤٥٠٠) الف شخص ❗، وشهد شاهد من أهلها؛ فقد صرح رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم بأن( معظم مقاتلي داعش هم من السعودية ) .
على كل حال فإن الارهابيين من جنسيات عربية وغربية يقدرون بعشرات الآلاف ، وتم القاء القبض على مئات الارهابيين واودعوا سجون العراق مثل سجن الحوت في الناصرية ،وسجن البصرة ،وسجن الحلة في الكفل وغيرها ، وقد وضعوا كنزلاء بعد إجراء التحقيقات ومراحلها اللازمة وتدوين اعترافاتهم .
لا أدري مدى قانونية عرض الجماعات الإرهابية _ الذين تم إلقاء القبض عليهم _ على وسائل الإعلام ، لكن اظن ان للدولة المتضررة الحق في كشف هوية الإرهاب، وهوية الدول الداعمة له ماديا وإعلاميا.
ان بعض الدول تتملص من المسؤولية ، وتلقي بتبعة المسؤولية على الإرهابي نفسه، أو على مؤسسات غير رسمية قدمت للارهابيين الدعم، لكن هذا لايعفي الدول التي انطلقوا منها عن تهيئتها لبيئة فكرية وتبنيها لعقيدة تكفيرية تبيح دماء المسلمين وتستهتر بحياتهم وحريتهم وحقوقهم الشخصية والمذهبية .
ان من الوقاحة ان تتبجح الدول التي ساندت الإرهاب وتغاضت عن نشاطه ؛ بل أعدت العدة ودفعت باجهزتها لتنشيطه ، أو تلك الدول التي انطلق الإرهاب من بيئتها الثقافية ، وتقول بأنها ضد الإرهاب وتعمل على محاربته .
ان واحدا من الأساليب العملية لمحاربة الإرهاب هو تعريته وكشف حقيقته أمام الجميع ، ولاحقوق لهؤلاء المجرمين الذين قتلوا ألاف من ابناء العراق فضلا عن اضعافهم من الجرحى ، ناهيك عن التخريب والدمار الذي تركوه على مفاصل الحياة .
ــــــ
https://telegram.me/buratha