د.محمد العبادي ||
تتميز المرجعية الدينية الشيعية بمواقفها الثابتة في رفضها للاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية والعربية لان هذا الموقف هو الموقف العقائدي والإنساني والأخلاقي ؛ فمنذ ظهور الصهيونية وقفت المرجعيات الدينية إلى جانب فلسطين ففي سنة ١٩٣٦م أفتى المرجع محمد الحسين كاشف الغطاء بالجهاد ضد الصهيونية ومشروعها .(١)
وفي سنة ١٩٤٦م ، دعا الشيخ عبدالكريم الزنجاني إلى الوقوف بوجه عمليات نهب وبيع الأراضي الفلسطينية إلى الصهاينة.(٢) .
وعندما تم تأسيس دولة الكيان الصهيوني في ٤/ أيار/١٩٤٨م وقف علماء الشيعة موقفا رافضا لوجود الكيان الصهيوني اللقيط على الأراضي الفلسطينية وأرسل المرجع السيد محسن الحكيم رسالة في حينها إلى الأمم المتحدة يدين ويستنكر بشدة تأسيس دولة للصهاينة على أرض فلسطين .(٣)
وقد أفتى السيد محسن الحكيم بالجهاد وبصرف الزكاة والحقوق الشرعية في العمل الفدائي ضد كيان الاحتلال الغاصب .(٤).
ان زرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين هو عبارة عن طبخة استعمارية أو تفكير وتعاون استعماري مشترك لقمع الشعوب الإسلامية فقد ذكر الإمام الخميني (ره ) : ( ان اسرائيل هي وليدة التفكير والتبني المشترك للدول الاستعمارية ، الشرقية منها والغربية ) .(٥).
لقد كان الإمام الخميني يسمي اسرائيل بالغدة السرطانية،(٦)
ويسميها أيضا بجرثومة الفساد (٧).
ان موقف المرجعيات الدينية في النجف وغيرها من الحواضر الإسلامية لا يقتصر على المرجع نفسه وفقط ، بل يشمل أيضا مواقف كبار العلماء كالشيخ مرتضى آل ياسين ، والسيد علي بحر العلوم ، والشيخ محمد حسين الجواهري ،والسيد مرتضى العسكري وغيرهم . ويشمل أيضا جميع اتباع أهل البيت (عليهم السلام ) .
ان موقف المرجعية الدينية كان ولايزال خصما لدا للصهاينة ، وقد كان السيد الخوئي (ره) كما وصفه العلامة فضل الله من (الذين أصدروا الفتاوى في دعم القضية [ الفلسطينية ] ماليا وسياسيا.. ان الكثيرين من المقاومين في المقاومة الإسلامية، كانوا لايبتعدون عن فتواه عندما ينطلقون في خط الجهاد ) (٨).
وهناك فتاوى ومواقف كثيرة للسيد الخوئي في دعم القضية الفلسطينية لايسع المقام لذكرها .
اما موقف المرجع السيد السيستاني فهو امتداد للموقف الإسلامي الأصيل والذي تبناه علماء المسلمين من الاحتلال الإسرائيلي ؛ فقد صدرت عنه البيانات والرسائل والمواقف والأقوال التي تدعو إلى مقارعة العدو الصهيوني ، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال البيان الصادر حول الاعتداءات على الشعب الفلسطيني في مخيم جنين بتاريخ ٢٦/ محرم /١٤٢٣ ه ق . أو البيان الصادر من مكتبه عندما حدث العدوان على غزة في سنة ٢٠٠٨م .
أو موقف السيد السيستاني وباقي المرجعيات الدينية من صفقة القرن وادانتها واستنكارها.
ان ملاحظة عابرة لما ورد من عبارات وتوصيفات لكيان الاحتلال الغاصب على لسان المرجعية ومواقفها ستبين حقيقة الموقف الصلب الذي اتخذته المرجعية الدينية في النجف وغيرها من الاحتلال الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية.
ان مواقف مرجعية النجف أصيلة ، غير قابلة للتبديل ، لأنها نابعة من تعاليم الإسلام الذي يرفض الظلم والعدوان واحتلال أراضي المسلمين أو مهادنة المستعمرين .
نعم ربما تتبدل مواقف بعض السياسيين (الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) .
ان الانسان عندما يتكلم عليه ان يبين مراده الجدي لا ان يتكلم ويطلق العبارات ذات الوجوه المختلفة خاصة وأننا نعيش اوضاعا تكثر فيها الشبهات، ويتلقفها المتربصون ويفسرونها وفقا لاهوائهم واهدافهم ( ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).(٩).
١- انظر: محمد مهدي كيه ، مذكراتي في صميم الأحداث، دار الطليعة ، بيروت ، ص٥٩ .
٢- انظر : مجلة الغري في تاريخ ١٩٤٦/٢/١٩ م .
٣- موقع المسلة، الدكتور صلاح عبدالرزاق ، مقالة بعنوان (المرجعية ودورها السياسي).
٤- انظر : موقع كتابات في الميزان ، الدكتور رزاق مخور الغراوي، مقالة بعنوان: ( من عظماء العصر الحكيم والخوئي).
٥- من رسالة جوابية من الإمام الخميني إلى الطلبة المسلمين المقيمين في أمريكا واوربا وكندا بتاريخ ٩/ صفر / ١٣٩٣ ه ق .
٦- من خطاب للامام الخميني بتاريخ ١٩٧٨/١٠/٩ م.
٧- من بيان للامام الخميني حول العدوان الإسرائيلي على لبنان بتاريخ ١٢/ ربيع الثاني / ١٣٩٨ه ق .
٨- موقع بينات، الموقع الرسمي للعلامة المرجع فضل الله .
٩- سورة الإسراء: الآية ٣٦.