د. محمد العبادي ||
قبل مدة اردت ان اكتب عن ظاهرة التفاهة والفوضى المنتشرة، وماينتج عنهما من تسطيح للحياة وانصرفت عن ذلك ، لأني اتحرج من تحقير الحياة والنظرة إليها بسلبية، (وما ابرىء نفسي ) فلعلي أحد التافهين في هذه الحياة ممن يعيشون في هامشها الأدنى .
لقد راودني التفكير للكتابة في هذا الموضوع لأن التفاهة هي الحقيقة الشاخصة في حياتنا وبناء عليه يحسن الاطلاع والعلم بها كظاهرة تنتشر في السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والأمن وهي تنتشر حتى في المسؤوليات والتنظيمات الحزبية ، وعزز قناعتي واندفاعي أكثر لاختيار هذا العنوان هو وجود كتاب بعنوان (نظام التفاهة ) للكاتب الكندي ( آلان دونو) والذي ترجمته الدكتورة مشاعل الهاجري ترجمة رائعة وكتبت مقدمة وافية وجميلة مع شروحاتها في الهامش .
على كل حال اظن ان كثير من الناس قد استوقفتهم صور مختلفة شاهدوها في هذه الحياة التي نعيشها ؛ ربما استوقفتهم القنوات وهي تجذب مشاهديها بمقدمة برامج لاتفقه شيئا عن الإعلام ويشفع لها شكلها وهيئتها ان تتقدم على الإعلاميين المختصين ، أو ربما شاهد الناس القنوات الإعلامية وهي تستضيف أحد الرياضيين لمناقشة موضوع سياسي ❗، و،ربما شاهد او سمع بعضنا عن المسابقات التي أقيمت لاختيار اجمل ناقة أو اجمل عنزة وتستعرض الكاميرا شكل تلك العنزة وتتصفحها بتهجي بطيء و..و..الخ❗ .
نعم لقد تم تسطيح الوعي في المجتمع ، وانتشرت فيه البرامج والالفاظ الهابطة❗ ، وايضا انتشرت فيه المسلسلات السخيفة والكتب والمقالات العديمة❗
وربما شاهدت كثير من العوائل أطفالها وهم يملئون اوقاتهم الثمينة بألعاب وألفاظ تافهة❗ وشاهدنا حتى الإعلانات التجارية لاتستمد قوتها من جودة الإنتاج، بل من الأضواء والديكور والاجساد الناعمة .
و..و..الخ ❗.
ان المعايير تغيرت وتبدلت ولبست ثوبا آخر؛ ففي الوظائف شاهدنا كيف تم تجاوز التسلسل الوظيفي والكفاءة والشهادة والتخصص إلى معايير أخرى ❗حتى أننا شاهدنا المنظمات الدولية قد سقطت في نظام التفاهة فمثلا يقع الاختيار على ممثلة سينمائية اكتسبت شهرتها من جسدها البض الطري لوظيفة حقوقية أو إنسانية ❗.
وفي الحوارات الاعلامية وغيرها شاهدنا اختيار الموضوعات والشخصيات غير المناسبة والانفعالات والشتائم والاتهامات❗ومما يؤسف له أن بعض الأساتذة والمثقفين انخرطوا في ظاهرة التفاهة واندمجوا في تفصيلاتها.
لا نريد أن تستغرق في سرد الأمثلة ؛ فلعل القاريء الكريم أو كثير منا يملكون أمثلة كثيرة .
ان انتشار ظاهرة التفاهة تحتاج إلى وقفة جدية ومراجعة نقدية ، وأن يتم علاجها من خلال نشر المفاهيم الصحيحة والمفيدة ، والالتزام بمنظومة القيم الاخلاقية والضوابط القانونية السليمة .
https://telegram.me/buratha