سامي جواد كاظم||
لا نجزم بان التاريخ وخصوصا الاسلامي هو تاريخ سالم نقي من الدخيل والمزيف ، نعم تاريخ كتبت اغلب صفحاته بارادة السلطان وهذا يعني يبعد عنه امانة تدوين التاريخ في الاغلب الاعم ، واكبر معوق يعترض المنقح النزيه هو المشهور الذي لا اصل له ، وهذا تجذر بعقول الناس نتيجة الماكنة الاعلامية الفاسدة التي يمتلكها الحاكم .
ليست لدى الراي العام الجراة بتقبل تفنيد المشهور المزيف بل يدافع عنه بقوة حتى ولو زهقت الارواح على لا شيء مجرد فكرة ترسخت في عقله من غير دليل عقلي بل فقط دليل عاطفي ، نعم البعض قد يكون مستفيد تجاريا من هذا المشهور واذا ثبت كذبه تجارته تبور لذا يرفض كشف الزيف .
من اخطر ما يقدم عليه المؤرخ او المدون عندما يغدق بعبارات المديح لحدث تاريخي وخصوصا ابطال الحدث ويقابله تنكيل وذم الطرف الاخر هذه العبارات الانشائية اصبحت تاريخ زادت من تمزيق التاريخ لان الطرف الاخر الذي يكتب نفس الحدث سيقوم بالمدح والذم عكس الطرف الاول ، وهذا هو حال بعض المسلمين الذين دونوا سيرة عترة الرسول وسيرة الصحابة وهؤلاء لهم تاثير على عقول الناس اكثر من التاريخ النقي .
يحاول الدارسون للتاريخ كتابة كيف بدات كتابة التاريخ ؟ وهنا لكل دارس قراءته ففي الوقت الذي يذكر مؤرخو الامامية ان التاريخ مر بمرحلة الحرق في بدايته يذكر مؤرخو اهل السنة والجماعة ان التاريخ ازدهر في زمن الدولة الاموية ، ولاننا اكدنا ان كتابة التاريخ بعيدا عن الحكام فهذا لم يحصل في زمن الامويين ولا العباسيين ، ولكن هذا لا يعني انه لا يوجد نزيهين ومعتدلين كتبوا التاريخ بكل امانة سواء كانوا شيعة او سنة
وهنا المفارقات المؤسفة عندما تبث برامج حوارية بين مفكري التاريخ للتنقيح عبر الوسائل الاعلامية المرئية والمسموعة والالكترونية والمقروءة فتزيد من التنافر والطائفية لتصبح هذه البرامج تاريخ مشوه في المستقبل . والاكثر سوءا هو عندما يخوض في هذه البرامج الجدلية من ليس اختصاصه التاريخ .
نعم هنالك احداث تاريخية جدلية ليس من صالح المسلمين اثارتها وعلى كل المذاهب ان تتجنبها بالشكل العلني ولكن هذا الامر لا يتحقق طالما ان هنالك اجندة خبيثة تسخر عقول خبيثة لتاجيج الجدلي من التاريخ بعيدا عن حقها وباطلها فانها بالنتيجة تمزق نسيج التالف المجتمعي ولنا الكثير من الشواهد على هذه البرامج تبث من فضائيات معروفة سنية وشيعية
التنقيح بشكل سليم لا يمكن ان يتحقق لكل صفحات التاريخ ولكن على اقل الاعتبارات تجنب المشكوك ريثما تظهر ادلة في المستقبل تثبت او تفند المشكوك ، وحتى الحديث المكذوب فانه يدل على صفة تلك الحقبة التاريخية التي دونت التاريخ .
لا باس بان تكون هنالك جلسات مغلقة من العقلاء المفكرين غير العاطفين والبحث في متون الكتب والمخطوطات القديمة بكل تفاصيلها للوصول الى الحقائق ان امكن وتثبيتها ، بما فيها التاريخ العقائدي الذي يعتبر مفترق طرق بالنسبة للمسلمين .
دائما الاحتلال الذي تعرضت له الامة الاسلامية تكون من اولى مهام المحتل هي مصادرة كل ما له علاقة بالتاريخ والتراث حتى يجعلنا امة بلا تاريخ مادي ملموس والنتيجة نصبح رهن ما يكشفه المحتل من صفحات تاريخية اسلامية تلاعبوا بها وفق مخططاتهم الخبيثة ، وهذا ما نعاني منه اليوم .
لا تبحثوا عن الخلافة اليوم ، لا تتجادلوا عن السيء والحسن في التاريخ ، لا يرفض احدكم الاخر مهما اعتقد بالتاريخ ، فليحتفظ كل طرف بما يؤمن به ولا يفرضه على الاخر ، ابداوا بالمشتركات التي تثبت انسانيتنا وعلاقتنا الاجتماعية ونبتعد عن كل ما يثير التفرقة .
https://telegram.me/buratha