كنت أتابع الندوة الثقافية للمركز العراقي الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والتي كانت بعنوان (المشرق الجديد: الفرص والمعوقات والمسارات المحتملة)، حيث طرح المشاركون وجهات نظر محترمة فيما يتعلق بالشرق الجديد، خاصة بعد أن شهدنا توقيع دول عربية لإتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني. المتابع لما يجري في منطقة الشرق الأوسط، خاصة خلال وبعد زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للولايات المتحدة الأمريكية، يجد أن الأخيرة تحاول الزج بالعراق ومن خلال الضغط على رئيس الوزراء العراقي في المحور المواجه لإيران، وعدم التنديد بالإتفاقيات التي تعقدها عدد من الدول العربية مع الكيان الصهيوني، لذلك شهدنا عقد القمة الأردنية العراقية المصرية، والتي تحاول تحشيد هذه الدول وراء الدول الموقعة لإتفاقيات السلام. هنا نحاول عرض ماذا يستفيد العراق من الإتفاق مع الأردن ومصر، وهل حقا أن الإتفاق مفيد للدرجة التي يصورها البعض للعراق؟ واقعا ليس هناك أية فائدة يمكن أن يرجوها العراق من بلد مثل الأردن، كونه بلد يعتمد كثيرا في المنتجات التي يصدرها للعراق، على البضائع المستوردة من دول الخليج وبعض الدول الأوربية إليه، حيث يقوم بعد ذلك بإعادة ترتيبها ووضعها في علب كُتب عليها (صنع في الأردن)، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فيما يتعلق بموضوع أنبوب النفط العراقي الأردني والذي يستهدف منه العراق (كما يقال) السوق الأوربي، يعلم المختصون في الجانب النفطي أن أوربا لا يمكن أن تستورد النفط العراقي، لأنه لا يتلائم مع مصافي النفط التي بنتها هذه الدول، ولكي تفكر هذه الدول بشراء النفط العراقي، عليها أن تقوم ببناء مصافي نفط يمكن أن تعمل وفقا لطبيعة مكونات هذا النفط، وهي مسألة مكلفة إقتصاديا، وبالتالي من ناحية الجدوى الإقتصادية، فلاد جدوى إقتصادية لهذه الدول من الإنتقال من نفط يتلائم مع مصافيها الموجودة حاليا، مع نفط يحتاج الى بناء مصافي جديدة. الأمر الأخر وهو المهم هنا يكمن في الحديث عن الإبتعاد عن سياسة المحاور بالنسبة للعراق، ولو نظرنا جيدا لهذا الكلام، نجد أنه كلام جميل لا غبار عليه، لكن في المقابل نجد أن العراق يحاول الدخول في محور جديد ضد إيران، والتي تمثل فرس الرهان لأن العراق ما قبل مصطفى الكاظمي كان يحتمي بإيران من تكالب البعض عليه، وهم الذين يرسلون مفخخاتهم وإنتحارييهم لقتل العراقيين في بغداد وغيرها من المحافظات، بالتالي فإن الولايات المتحدة تجند أذنابها لجر العراق في محور يصطف كله مع الولايات المتحدة ضد إيران، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه، ليس حبا بإيران أو سواها، بل لأنك يا دولة الرئيس قلت أنك تريد الإبتعاد بالعراق عن سياسة المحاور، وهذا محور ضد محور أخر! السؤال الأن ما هو المخرج من هذا المطب الذي تحاول الولايات المتحدة ومن خلال الأردن ومصر توريط العراق فيه؟ حقيقة الأمر على رئيس الوزراء أن يضع في إعتباره أن العراقيين لا يمكنهم أن يثقوا بالعرب مطلقا (بغض النظر عن جنسية هذا البلد العربي أو ذاك)، وأيضا لا يمكن البقاء طويلا تحت العباءة الإيرانية، ذلك لأن ذلك يلغي الهوية الوطنية العراقية، من ثم فإن على السيد الكاظمي أن يعمل خلال الغترة القصيرة المتبقية من عمر حكومته على السير بخطى حثيثة لإستقلاق الإقتصاد العراقي، وعدم إعتماده على الإستيراد من مناشء مختلفة، لأن الإقتصاد العراقي يمتلك إمكانيات التطور لكنه بحاجة الى الإدارة التي يمكنها أن تديم هذا التطور، بالإضافة الى ضرورة العمل على تفعيل قانون التقاعد الخاص بالقطاع الخاص أسوة بالقطاع العام، حيث أنه في هذه الحالة سيجد طالبي العمل أنه طالما القطاع الخاص فيه مميزات تشبه مميزات القطاع الحكومي، مع ميزة أساسية فيه وهي عدم وجود إبتزاز أو رشى يدفعها للحصول على هذه الوظيفة أو تلك، سيجد أن القطاع الخاص أفضل له.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha