ضياء المحسن||
من أول نظرة لجغرافيا المنطقة الشمالية للعراق، نجد وجود تشابه كبير بينها وبين الجغرافية الطبيعية لتركيا، وحتى في ما يتعلق بالسكان نجد أن سكنة هذه المناطق هم من الأكراد، وهذا الأمر يضع عقبات كثيرة أمام الجهد الحربي الذي يحاول تركيع سكان هذه المناطق مهما كانت إمكانيات هذا الجهد.
بين الفينة والأخرى تقوم القوات التركية بمهاجمة الشريط الحدودي بينها وبين العراق تحديدا، بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض (جماعة عبد الله أوجلان) متجاهلة معارضة بغداد لهذه التصرفات؛ حتى مع كون هذه المعارضة خجولة، الأمر الذي يتسبب بتشريد العوائل التي تقطن هذه المناطق، وتعرض بيوتها والمزارع التي تملكها للدمار، جراء القصف العنيف الذي تتعرض له من قبل القوات التركية، والذي يخلف عشرات القتلى والجرحى، والدمار لمزارع هؤلاء السكان، بينما تقف حكومة بغداد عاجزة عن الدفاع عن مواطنيها هؤلاء، والسبب في ذلك رفض سلطات شمال العراق دخول القوات الحكومية لصد هذه الإعتداءات، حتى مع كون هذه السلطات تملك قوات البيشمركة، وهي قوات مسلحة أيضا، لكنها لا تستطيع صد التعرضات التركية، أو لأنها تحاول التخلص من عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي يعارض أن تكون بعض الأحزاب الكردية في شمال العراق ممثلا للأكراد الأتراك!
الأن بدأنا نسمع تزايد أعداد القتلى في صفوف القوات التركية التي تهاجم هذه المناطق، بسبب شراسة عناصر حزب العمال في القتال ضد هذه القوات المعتدية، فهل تحولت هذه المناطق التي يتقاتل فيها حزب العمال والجيش التركي الى مستنقع للقوات التركية؟ السؤال يحتاج الى عودة الى الوراء قليلا والنظر الى أن حزب العمال يعد بالنسبة للمجتمع الدولي تنظيم إرهابي، لكن لماذايتجاهل المجتمع الدولي مهاجمة تركيا للأراضي العراقية؟ ألم يكن من ضمن واجبات مجلس الأمن الدولي تنبيه تركيا على ضرورة عدم مهاجمة الأراضي العراقية!
المستنقع الذي دخلت فيه القوات التركية في شمال العراق، لا يختلف كثيرا عن كثير من المستنقع الذي دخلته في سوريا، ثم بعد ذلك تراجعت نتيجة صلابة المقاومين هناك، وهو ما يحدث الأن في شمال العراق من قبل المقاتلين من حزب العمال الكردستاني، والذي يعاونه السكان هناك كونهم يشعرون أن هذا واجب أخلاقي في مساعدة هؤلاء، بالإضافة الى أنه نوع من الرد على القوات التركية وقوات البيشمركة المتقاعسة عن حمايتهم من الهجمات التركية.
ليس ببعيد عن هذا، يبدو أن موقف الإتحاد الأوربي انقلب رأسا على عقب على تركيا، التي حاولت جس نبض الإتحاد الأوربي في ملف المياه والنفط على الحدود مع اليونان، وهو ما اعتبره الفرنسيون خطاً أحمر لا يجوز لأوردغان تجاوزه، وهي الرسالة التي فهمها أردوغان متأخرا وتراجع عن قراره في إستكشاف المنطقة القريبة من الحدود اليونانية، وهذا الأمر أيضا كانت له تأثيرات على الصراع التركي الكردي، لصالح الأكراد هذه المرة، والتي يبدو من خلال متابعتنا أن الأوربيين يعرفون كيف يضغطون على الأتراك، ويدركون لماذا تحاول تركيا الإنضمام الى الإتحاد الأوربي، وهو ما تعارضه فرنسا وألمانيا بشدة.
بصريح العبارة نجد أن القوات التركية ستسبح في مستنقع قنديل ومناطق شمال العراق، كما وقعت القوات الأمريكية قبلها في مستنقع فيتنام.