المقالات

سياسيو العراق وحلاوة الدنيا !  


 

✍️ أحمد رضا المؤمن ||

 

بينما كُنت أطالع التعليقات والمنشورات التي تستنكر قيام بعض المحسوبين على الخط الثوري والجهادي والمقاوم (سابقاً) بالترحم على رموز وقيادات النظام الصدامي البعثي المجرم والذين قضوا سنيناً وهُم يُحاربونه ويبذلون الدماء لمُقارعته تذكرت حينها قصة رواها لي سيدي الوالد عن المرحوم جدي سماحة السيد صاحب المؤمن عن عاقبة أحد ثوار النجف الذين ثاروا ضد الإنجليز في ثورة العشرين أو ما قبلها .

تقول القصة أن أحد الثوار في النجف كان معروفاً بشجاعته وبطولته كان قد تمكّن من قتل قائد كبير للإحتلال الإنجليزي وهو ما تسبب بهزيمة معنوية كبيرة في صفوف قوات الإحتلال رغم تفوقهم العسكري الكبير بينما حدثت إحتفالات بهذه العملية (النوعية) لهذا الثائر النجفي الشجاع وجرى تكريمه معنوياً وإجتماعياً وجعل الناس منه حينها بطلاً يُضرب به المثل .

هنا قررت أرملة قائد الإحتلال البريطاني الشابة خارقة الجمال ، أن تنتقم من قاتل زوجها هذا شر إنتقام وبالطريقة البريطانية المشهورة بخبثها ودناءتها بين الشعوب فحرصت على إلقاء القبض على هذا الثائر النجفي بكل السبل ولكن مع حرصها بأن يكون حياً ولا يتعرض له أحد بالأذى !

وعندما تم لها الأمر جيء به إليها وكان الجميع يتوقع أنها ستنفذ فيه حكم الإعدام بل ربما ستعذبه شر تعذيب قبل إعدامه ، وكان الثائر مُستعداً لكل شيء ولأسوأ الإحتمالات بل أنهُ كان يتشوق لتنفيذ حُكم الإعدام به من قبل الإحتلال ليمضي شهيداً تفتخر به عشيرته ومدينته .

ولكن أرملة قائد الإحتلال البريطاني هذه طلبت من الإحتلال تأخير تنفيذ حكم الإعدام قائلة لهُم : إنكُم إذا نفذتُم حُكم الإعدام به فإنهُ سيكون في عيون أهله وعشيرته ومدينته بطلاً وشهيداً . إمهلوني بضعة أيام قبل أن أخبركم بالوقت المناسب لتنفيذ حكم الإعدام به .

وخلال مُدة إعتقاله تقربت منه أرملة القائد الإنجليزي وبدأت بإيهامه أنها لا تكُن لهُ الحقد بسبب قتله زوجها لأنهُ قام بواجبه في الدفاع عن حُرية وإستقلال وسيادة وكرامة وطنه ، وسُرعان ما توثقت العلاقة بينهُما أكثر فأكثر إلى أن مَكّنتهُ من نفسها وهي المشهورة بجمالها الخارق وشبابها الساحر فجعلت ذلك الثائر يعيش أجمل ساعات حياته ويذوق حلاوة الدُنيا وإستمر لأيام وهو يُمارس الجنس معها بشكل لم يكُن يتوقع حصوله حتى في أحلامه فأصبحت الحياة عنده شيئاً فشيئاً عزيزة جداً وأصبح يعد الدقائق والساعات ليلتقي بالأرملة البريطانية الجميلة ليقضي منها وطراً مرة أخرى .. ولكن عندما شعرت الأرملة البريطانية بحلاوة الدنيا قد أغشت عيون هذا الثائر وأنهُ أصبح أسير ملذاته وشهواته إمتنعت عنهُ فوراً وخاطبت سُلطات الإحتلال البريطاني قائلة : إلى هنا يكفي .. الآن وبعد أن ذاق حلاوة الدنيا وشهواتها يُمكنكُم إعدامه !!!

جن جنون (الثائر) وبدأ يتوسل بالإحتلال ويتضرع لهم باكياً أن لا تعدموني أرجوكم وأتوسل إليكم لأني لم أكن أعرف حلاوة الدنيا وكُنت مُخطئاً بقتلي قائدكُم ، أعدكُم أني إذا عفوتم عني سأفعل ما تشاؤون !!!

لم تنفع جميع توسلاته وتعهداته ، نفذوا فيه حكم الإعدام ، ولكن بعد أن ذاق حلاوة الدنيا حتى وصل به الأمر أن يخون قضيته ومبادءه وأعلن عن إستعداده لخيانة القضية وأن يكون عميلاً ذليلاً لدى الإحتلال فقط ليبقى مُتنعماً بحلاوة الدنيا الزائلة هذه .

حلاوة الدُنيا ومباهجها ومُغرياتها وفتنتها أوقعت المئات من السياسيين في فخ الفساد والخيانة والعمالة وجعلتهُم يبيعون ماضيهم الجهادي والمُقاوم الثائر بثمن بخس مُقابل مُغريات دنيوية فاتنة زائلة .

ولذلك فإن المرجع الشهيد آية الله العظمى السيد مُحمّد باقر الصدر "رض" طالما كان يُحذر أتباعه مما أسماه بـ(دنيا هارون) التي كانت تتمثل بمُخاطبة هارون العباسي للغيوم : (أينما تمطرين فخراجك لي) كناية عن سعة مُلك دولته وغناها .. فمثل هذه المغريات التي برّرت لهارون أن يفعل ما يفعل بإمام زمانه الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام من سجن وتعذيب وترهيب وقتل .. إلخ .

ولذا شاهدنا كيف أن عَدَد كبير من المسؤولين (والأمر يَشمل حتى الأحزاب في حالة توسيع البحث) كيف أنهُم تحولوا بين ليلة وضُحاها إلى عُملاء للإحتلال الأمريكي بل إلى عبيد لدى البارزاني والسعودية والإمارات مقابل فتات من الأموال والإمتيازات .

هؤلاء الذين يصفهم الله تعالى في كتابه الكريم ﴿.. الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ .

أفلم يحن الوقت لسياسيينا وخصوصاً أصحاب التأريخ الجهادي والمقاوم والثائر أن يحذروا الدنيا ومفاتنها ومُغرياتها والوقوع في حبائلها ؟؟!

ألم يحن الوقت لهم لأن يُطَلّقوا الدُنيا ويُمسكوا قضيتهم ويُدافعوا عنها وَيَسعَون لتحقيق أهدافهم السامية بالوقوف أمام الباطل وأهل الباطل أياً كانوا ومهما كانت التضحيات ؟

السلام على أمير المؤمنين الإمام علي حين وصف الدنيا قائلاً : (إن الدُنيا كالشبكة تلتف على من رَغِبَ فيها وَتَتَحَرّز عَمّن أعرض عنها ، فلا تمل إليها بقلبك وَلا تُقبل عليها بوَجهك فتوقعك في شبكتها وتُلقيك في هلكتها) .

فهل من مُعتبر ؟؟!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك