✍ د.محمد العبادي ||
يقع كثير من الكتاب والمحللين في خطأ عدم التمييز بين مفهوم الدولة ، ومفهوم الحكومة ، حيث يضعونهما في معنى واحد .! والحال أن لكل واحد من المصطلحين معنى مختلف عن الآخر ، حيث ان مصطلح الدولة أوسع من مصطلح الحكومة ، فالدولة عبارة عن الجغرافية والمجتمع ، والقوانين ، والسلطات الثلاث وايضا تشمل السلطة الرابعة أو ( الإعلام ) .
الدولة كبيرة جدا وهي باقية رغم تغير الأنظمة والحكومات .
الحكومات كثيرة ، ومنذ سنة ٢٠٠٣م والى وقتنا الحاضر جاءت وذهبت أكثر من حكومة . الحكومة ليست الدولة ، وليس بمعنى أنها تساوي الدولة .
الحكومة هي واحدة من السلطات تحت خيمة الدولة الكبيرة والتي تضم جميع السلطات والمؤسسات الرسمية والمدنية .
الحكومات قد تكون وليدة اجندة حزبية، أو تفضيلات أيديولوجية، أو محاصصات سياسية تتولى مهاما إجرائية إلى وقت معلوم ، اما الدولة فهي أعلى رتبة من ذلك وتحتضن جميع اطياف المجتمع باعتبارهم مواطنين وتعاملهم لا على أساس صفاتهم ووظائفهم بل على اساس قانوني واجتماعي قائم على مبدأ المواطنة .
وبناء عليه لا يصح أن نقول أن الحكومة تساوي الدولة ، بل هي إحدى الوسائل التي بيد الدولة ، ولهذا من الخطأ أن نقول أن الحكومة لو فشلت أو أخفقت في خطوة معينة فإن ذلك يعني فشل الدولة أو ينسحب ذلك الفشل على كل اجزاء الدولة ونصرح أو نكتب( اما الدولة أو اللادولة )!.
وقفة نقدية أخرى ، وهي ان الخطوة الاستفزازية - التي قام بها ( جهاز مكافحة الإرهاب ) - هذه الخطوة ليست مبنية على( مشروع حصر السلاح بيد الدولة ) حتى يبني الكاتب المحترم مقالته على هذه الفكرة التي لا علاقة لها اصلا باعتقال ( أفراد من الحشد ) ، بل ان الموضوع الأصل هو إيحاءات أمريكية القتها في روع قيادة الجهاز المذكور ( وفيكم سماعون لهم ) .
لقد كانت خطوة تشويهية أكثر منها خطوة أمنية ، والمحرك لهذه اللعبة يعرف ان هذه الخطوة آثمة وتثير العداوة والبغضاء بين أبناء البلد الواحد .
مؤسف جدا ان بعض الكتاب لايميز بين بياض الملح وطعمه، وبياض السكر ومذاقه .
نعم مؤسف جدا أن بعضنا لايميز بين العدو والصديق !
لقد ركزت أمريكا على موضوع السلاح وحصره بيد الدولة وهي كذبة وخدعة كبيرة انطلت على كثير من الناس ، أمريكا التي دفعت بادواتها في العزف على وتر السلاح هي نفسها التي ملأت المنطقة برمتها بالسلاح ، وأكثر السلاح الذي ينتشر بيد الدول ومعارضيها هو سلاح أمريكي وهي أكبر بائع للأسلحة وتقوم بتصدير ثلث إجمالي الاسلحة في العالم ! هذه الدولة نفسها حركت أدواتها في لبنان أيضا ضد سلاح حزب الله الذي أعاد للبنان أرضه وكرامته وهيبته .
بالمناسبة أمريكا نفسها اوحت لحلفائها من الأعراب لإقناع الرئيس عرفات ان يتخلى عن السلاح ويتفاوض مع الصهاينة وبالفعل فقد القى سلاحه وذهب إلى اوسلوا ، وأكمل المهمة من بعده محمود عباس وهو حاليا لديه تنسيق أمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية( الشين بيت ) و ( الموساد ) لملاحقة أبناء بلده ، وقد أخذوا فلسطين رهينة عندهم بالتمام والكمال ماعدا غزة الصابرة .
من المضحك والمبكي ان نتحدث عن الإرادة الوطنية العراقية!!!، ولانبصر وجود أكثر من (١٢) قاعدة عسكرية أمريكية وفيها أكثر من ( ٦٠٠٠) ألاف عسكري لا يريدون أن يخرجوا من العراق حتى مع صدور قرار من البرلمان ولا يريدون أن يخرجوا من العراق إلا أن تتفاوض معهم ( مفاوضات استراتيجية ) أليست هذه هي إرادة ومنطق القوي وفرضه على (ارادتكم الوطنية )؟!
من المضحك المبكي أيضا ان تتحدث عن ( الإرادة الوطنية العراقية ) وتلك تركيا تخوض في شمال العراق تضرب وتخمط، ولم نسمع للمنادين بسيادة العراق حسيسا ولانجوى ؟! مع العلم ان قيادات الإقليم الكردي هي التي عبثت بسيادة العراق وسمحت لحزب العمال بالعمل في داخل العراق ! ووفرت الذرائع لتركيا باستباحة الأراضي الشمالية .
الحشد الشعبي هو الظهير الحقيقي لسيادة الدولة من تغول الامريكان ومن تمدد عصابات داعش ولو انسحبوا من المناطق المحررة لعادت تلك العصابات إلى ممارسة هوايتها في القتل والاغتصاب .
ان الحشد والمقاومة هما صنوان متلازمان ، وهما بقايا الشرف في هذه الأمة المسكينة التي تداعت عليها الامم .
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha