المقالات

هل بدأت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين ؟  

1406 2020-06-21

فهد الجبوري ||

 

تمر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بحالة توتر غير مسبوقة في خضم تصاعد الحرب التجارية بينهما والتي دخلت مرحلة خطيرة منذ تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة والذي تسبب في توجيه ضربة موجعة للورقة الرابحة بيد الرئيس دونالد ترامب في قضية إعادة انتخابه لدورة رئاسية ثانية .

تلك هي الانتعاش الاقتصادي الذي تحقق في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة حيث هبطت نسبة البطالة الى ٤٪؜ ، لكن جائحة كورونا أفسدت على ترامب طموحه في الفوز بالانتخابات التي ستجري في الثالث من نوفمبر /تشرين ثاني المقبل .

منذ تفشي الوباء واضطرار السلطات في الحكومة الاتحادية وفي الولايات الى الإغلاق وحظر التجوال ، بدأت تظهر معالم التدهور الاقتصادي ووصلت نسبة البطالة الى رقم قياسي غير مسبوق حيث فقد حوالي ٤٠ مليون شخص وظائفهم بسبب إغلاق الشركات والمصانع وتعطل معظم الأعمال والمصالح التجارية وشركات الطيران واضطرت ادارة ترامب الى تخصيص ميزانية طوارىء ضخمة لتعويض العاطلين عن العمل والشركات التي اغلقت ابوابها.

وكان ترامب يأمل ان تنتهي هذه الأزمة بسرعة لكن ذلك لم يحدث ، ثم جاءت الاحتجاجات الشعبية على خلفية حادثة مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد لتزيد الطين بلة ، كل ذلك جعل ترامب يفقد أعصابه وأخذ يتصرف بطريقة غريبة موجها الاتهامات في الداخل الى منافسيه في الحزب الديمقراطي الذين أتهمهم بتسييس الاحتجاجات والتشجيع على استمرارها لتحقيق أهداف سياسية انتخابية ، وعلى مستوى الخارج وجه اتهامات للصين بأنها تقف وراء صنع وتفشي فيروس كورونا بهدف تحطيم الاقتصاد الأمريكي .

الصين رفضت تلك الاتهامات واعتبرتها محاولة من قبل ترامب لتبرير فشله في ادارة أزمة كورونا وطريقه تصرفه في بداية تفشي الوباء وسخريته منه ، وأستمرت ادارة ترامب بتوجيه اللوم الى الصين بالرغم من تأكيد منظمة الصحة العالمية أن فايروس كوفيد ١٩ ليس من صنع البشر ، وإنما هو فيروس طبيعي تفشى في بداية الأمر في الصين ثم انتقل منها الى بقية بلدان العالم .

ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي ، وتضاؤل فرصة الانتعاش الاقتصادي الأمريكي ، تحاول ادارة ترامب وصقورها تبرير فشلها في ادارة الأزمات الاقتصادية والصحية والاحتجاجات الشعبية ضد العنصرية وعدم المساواة من خلال إلقاء اللوم في ذلك على جهات خارجية .

وفي تصعيد خطير ، شن اليوم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو هجوما قويا على الصين واصفا إياها بالدولة "المارقة"، معتبرا أن الحزب الشيوعي الصيني "فاعل مارق" لأنه حسب زعمه " أعلن نهاية الحرية في هونغ كونغ في انتهاك لالتزاماتها الدولية ".

وتأتي تصريحات بومبيو قبل يومين من القمة التي سوف تعقد بين روؤساء المؤسسات الأوروبية ورئيس الحكومة الصينية لي كي تشيانغ.

تلك التصريحات النارية وردت في خطاب لبومبيو  خلال قمة كوبنهاغن للديمقراطية المنعقدة عبر الإنترنت حيث خاطب الحلفاء الأوربيين قائلا " الحزب الشيوعي الصيني يريد إجباركم على الاختيار بين الولايات المتحدة والصين ، معربا عن الأمل في الاستماع الى مزيد من التصريحات العامة في أوروبا حول موضوع التحدي الصيني ، معتبرا أنه "يجب الحديث بوضوح حتى لايترك أي مجال للالتباس في الاختيار بين الطغيان والحرية ".

والولايات المتحدة تنتقد منذ عدة أشهر أوروبا بسبب إظهارها على حد زعم ادارة ترامب "ضعفا" في مواجهة الصين خشية خسارة حق النفاذ الى سوقها الكبير .

حتى الآن الاتحاد الأوروبي يرفض الانصياع الى الإملاءات الأمريكية فقد أعلن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل " يجب على الاتحاد أن يحدد موقفه في وقت يمثل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين المحور الأساس للسياسة الدولية ، ومع تزايد الضغوط من أجل اختيار أحد المحاور "، معبرا في الوقت نفسه عن رفض "الانخراط في أي حرب باردة"ضد العملاق الصيني . وقال بوريل انه اقترح مواصلة الحوار الثنائي مع الصين دون الحصول على إجابة مباشرة من الطرف الأمريكي .

هذا التصعيد الخطير من جانب ادارة ترامب ضد الصين يضع علامة استفهام كبرى وهي هل أن " الحرب الباردة" قد بدأت فعلا بين الولايات المتحدة و الصين أم أنه يمثل حالة الإحباط التي تعيشها ادارة ترامب في الداخل ، ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي تحاول توجيه رسالة للناخبين الأمريكيين ان التدهور الحاصل في الاقتصاد الأمريكي ليس سببه ترامب وادارته بل هو  بفعل مؤامرة خارجية تقودها الصين .

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك