قاسم آل ماضي ||
كنت في عمر التسع سنوات ،حين اصطحبتني والدتي الى دار جدي، بعد مرور اربعين يوم على استلام جثة عمي، الذي اعدمه الطاغية هدام ،بتهمة انه كان متدين، ويصلي في الجامع ويذهب للنجقـ وأنه قد التقى بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر مرة او مرتين؛ وهذه التهم كافية لاعدامه؛ واعتقال والدي وعمي الاصغر، لكن بفضل الله ومنه بعد شهرين وبأعجوبة؛ افرج عن والدي وعمي ..
بعد شهر اتى ضابط الامن مع المختار، واخذوا من والدي ثمن الرصاص الذي قتلوا به عمي،
وسلموا جثة عمي المعدوم، بعد امضاء من والدي لى تعهد بعدم اقامة العزاء وممنوع البكاء.
في يوم الاربعين وكماهي العادة، يذهب اهل المتوفي لزيارة قبره..ولكن جاءت المفاجئة ان جلاوزة الامن؛ ارسلوا الى والدي ورقة؛ عليه أن يتعهد فيها؛ بعدم الذهاب الى قبر عمي المغدور المقتول (الشهيد)، وتجمعت العائلة في بيت جدي الكبير، في جو من الحزن والالم والبكاء المكتوم خوفا من وكلاء الامن ..
اخذت والدتي بيدي؛ وصعدنا الى الطابق العلوي حيث غرفة عمي، وكان جدتي تبكي بكل حرقة، واخذ البكاء من والدتي مأخذه بجدتي، ولكن اكثر ما تردد في ذاكرتي، كلمات جدتي التي تقول:
( يمه عبد الرضا الحيطان حزنانه؛ والغرفة تبجي.. وين الي ذبحوك؟.. الهم عشيره وناخذ بثارك.. الهم ديره و نروح نذبحهم.. حتى ترتاح في قبرك)
هذا الكلام اثار في تساؤل: كيف تحزن الجدران، وهل يرتاح المقتول في قبره، حين يؤخذ بثاره؟!
تذكرت هذه القصة؛ حين زرت منصة القصور الرئاسية في تكري،ت حيث فاجعة سبايكر والغريب ان الدماء مازالت عالقة في المنصة، رغم غسلها لمرات ومرات عدة، وكان الدماء تابى ان تنسلخ او يمحى اثرها، وكانها تطالب بثار لم يؤخذ.
هنا على هذه المنصة المشؤومة؛ دماء حسين وجاسم وحياوي وناصر وباقر وعباس وعبد الرضا و و و و و حتى الفان او يزيد، غدرهم الاعراب الأجلاف الذين اعطوهم الامان، وقالوا لهم (ناخذكم لاهلكم مالكم شغلة بدوله انتو هم ولدنا)..فيا للخسة و ويا للغدر، لكنهم أرث إستورثوه من أسلافهم..آل ابي سفيان...
لو انهم قاتلوهم لقاتلوهم والموت علينا حق ؛ولو انهم قتلوا في قتال دون غدر، لما كان لنا كلام، ولازالت تلك الدماء التي على المنصة...
لو انهم قالو لهم انتم روافض، انتم ( شروكية)، وعادتنا هي قتلكم وسفك دمائكم فاستعدوا للقتال.. ولكن يد الغدر انجس يد مدت بنوايا قذرة وخسيسة من بعض عشائر تكريت البو ناصر و،و،وغيرهم ..
لقد كانوا يتفاخرون انهم اخذوا بثار سيدهم هدام، رفيق الجرذان في الحفر
قتلوا سجاد وباقر وحمودي وباسل ومصطفى، على مراى ومسمع مجتمع كامل من العشائر واهالي تكريت، ولم يرى عربي اخذته الغيرة؛ على ابناء وطنه (يا اهل الوطنية)، ولم نرى عشيرة اصيلة، تقتل من دخل في امانها..فعن اي عشائر واي عروبة؟! واي واي؟!
حتى هذا اليوم لم يبدوا ندمهم، ولم يعتذروا لاهالي الضحايا، ولم يعتذروا من الاب والام وزوجة تنتظر والاخ ثكل باخيه..
اليست اعرافنا العشائرية تلزمنا؛ ان يقدم القاتل لاهل المقتول بتقديم الدية، او ان يقتل القاتل؟!
لم يقدم التكارتة لعشائرنا اي عذر او اي اعتذار، ولم يبدو عليهم انهم نادمين على ما ارتكبوا ولا اسفين على مافعلوا، وان كانوا ذل
لاتفرحو كثيرا؛ فعشائرنا وررجلنا ونسائنا، بل حتئ اطفلنا يعرفونكم جيدا كلا بسماهم، البيجات والبوناصر والبوهجيل والبو غادر والبو نذل والبو غيرة ماكو,و وووو )..ولن ننسى مافعلتموه بفلذات اكبادنا، وإن لم تفعلوا ما يمليه عليكم العرف والإنتماء الوطني والسنن العشائرية،فإن الثأر قادم لا محالة،وعندها سيرتاح الشهداء في قبورهم التي ما يزال كثير منها مجهولا وسيزال الدم المتجمد على المنصة..
الزمن كفيل بوضع النهايات المنصفة..!
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha