✍ د.محمد العبادي ||
علينا أن نعترف ان أمريكا تملك إرثا كبيرا في الحوار والتفاوض، وهي تعرف جيدا ( من أين تؤكل الكتف ) .
برأيي المتواضع ان القوى السياسية العراقية هي ايضا تملك إرثا كبيرا في التفاوض والندية والمشاكسة فيما بينهم ، وأتمنى أن يستحضروا تلك الندية والعناد السياسي في أثناء حوارهم مع الامريكيين .
لكنني متشائم جدا ،لان السياسي العراقي الذي فشل في الحوار والتفاهم والانسجام مع أبناء بلده لايمكنه ان يكون جديرا بالتفاوض مع الأغيار ، اللهم إلا إذا حدثت معجزة واستصحب
المفاوض العراق نديته ومناكفاته مع الأحزاب السياسية واسقطها حرفيا على الامريكيين ؛ فعندئذ سوف يأخذ الحوار طابعا جديا ويتقمص صورة الند للند .
اما اذا كان شكل التفاوض يأخذ صورة التابع للمتبوع ، فيمكننا أن نقول أن المفاوض العراقي سوف يتقدم بالتفاوض لانهم شركأء في التفاهم في عمليات البيع والشراء التي تتم وفقا لشروط الامريكي .
التفاوض مع الأمريكيين ليس قضاء واجبا وقدرا حتما ، وليست المواعيد التفاوضية مع الامريكيين هي مواعيد آلية صارمة لا يمكن تخطيها .
اظن ان المفاوض العراقي فاقد الإرادة والشخصية ، لأنه تعامل مع الموعد المقرر كأنه قانون منزل من السماء ولايمكنه ان يتعداه ، ولأنه لم يأخذ بالحسبان الشروط الحالية الاستثنائية التي يمر بها العراق ومنها ان الحكومة حديثة العهد ، ولم تكن قبل ذلك معنية بالتفاوض ، ووصلت إليها أسباب الملك والتمثيل الديبلوماسي بشكل دفعي ! .
لقد أثبت المفاوض العراقي أنه مرتبك ولا يملك افقا ستراتيجيا للحوار ودليلنا أنهم ابلغوا أحد الشخصيات بالحضور قبل يومين من موعد بدء التفاوض !!! فمتى يسع الوقت لهذه الشخصية للاطلاع وترتيب أفكاره ودوره في ذلك الحوار ؟! وهل يعني هذا ان العراق أخذ الفرصة الكافية في تحديد مصالحه الآنية والمستقبلية ؟
ان المفاوض العراقي الذي يتحدث باسم جميع العراقيين هو مفاوض من لون واحد ويمثل الفئات التي تريد وضع جميع البيض في سلة الامريكيين أو وضع مصالح العراق في سلة أمريكا ! وهو ما يعني أن العراق سوف يصبح مكبلا بقيود وأغلالها .
من الممكن أن تقوم أمريكا بإخلاء القواعد العسكرية التابعة لها في العراق وتعطي للمفاوض العراقي شيئا يتبجح به في الاعلام ، لكنها سوف لن تتخلى عن مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية في العراق .
في أفضل الأحوال سنرهن نفطنا وخيرات بلدنا للامريكيين ، ومواقفنا ستتبع السياسة الأمريكية وتدور في فلكها تماما مثلما تفعل دول الخليج تبيع نفطها للامريكيين وسياستهم تتبع السياسة الأمريكية ونصبح بقرة حلوب يأخذون ما في ضرعها ثم يضربونها بسوط الإهانات و الصفقات ويدخلون العراق في حروب داخلية مع نفسه ويقاتل نيابة عن الأمريكيين ويطبع تباعا مع الاسرائيليين ! وفوق كل ذلك سوف لن ولم نحصل على شيء منهم سوى الأسلحة التي نقتل فيها بعضنا البعض .
لقد جربنا الامريكان في بلدنا فلم نحصل منهم على شيء قط ابدا .
لقد وعدونا بالديمقراطية فتحققت الفوضى، ووعدونا بالامن فوقعت ابشع الجرائم وعمليات القتل ، ووعدونا بالحرية فانتهينا الى جماعات الجوكر والمثلية ، ووعدونا بالرفاهية والخدمات فأذا بنا الى اليوم قد صرفنا في قطاع الكهرباء فقط - والذي تبنته الشركات الأمريكية - قد صرفنا(٦٤) مليار دولار !!! ، ووعدونا بالتعددية الحزبية فاذا بنا نقع في فخ التشظي والفساد ، و..و..الخ .
هذه الوعود الأمريكية الوهمية( ومايعدهم الشيطان إلا غرورا ).
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha