ضياء ابو معارج الدراجي
لم استطع ان افتح عيناي لكثرة ما كانت اهدابي ملتصقة مع بعضها كان جسمي يوخزني في كل مكان بالام شديدة كانها مسامير صدئه تدخل وتخرج مسرعة في جسدي مددت يدي لازيل بقايا الدم المتجمد على وجهي حتى استطيع ان افتح عيناي المكان الذي انا فيه احسه ضيق جدا ولا استطيع الحركة فيه ،وبصعوبة بالغة وصلت اصابع يدي اليسري لعيني اليسرى لتساعدها على فك اشتباك اهدابها بازاله الدماء والوحول التي كانت تلصقها فاذا بي داخل خزانة حجرية حمراء ضيقة بباب حديدي احمر فيه فتحة واحدة اسفل الباب لا يتجاوز ارتفاعها الثلاث اصابع ويشع الضوء الاحمر من سقف الخزانة لم اعرف مصدرة اردت ان احرك يدي اليمنى لكنها لم تتجاوب معي فقد كانت ثقيلة جدا وبصعوبة مع الالم وصلت يدي اليسرى الى العين اليمنى لتبصر النور الاحمر هي الاخرى ,لقد كنت في صدمة شدية لم اتذكر شيء سوى اني قد ضربت بشدة لأسباب اجهلها احسست بالاختناق والضيق داخل حبسي الاحمر اخذت بالصراخ بأنات متقطعة وحنجرة واهية لعل احدا يسمع صوتي ليخرجني من ذلك المكان المرعب ظللت اصرخ حتى خارت قواي وبح صوتي لكن ما من مجيب وبعد وقت طويل دس لي صحن من حديد فيه مياة ضحلة وفتات خبر منقوع خلال الفتحة السفلية وسمعت كلمة كل ثم مضى لم اعرف الصوت فقد سمعته لاول مرة نظرت الى طعامي الذي اصطبغ باللون الاحمر من ضوء زنزانتي الضيقة فافرغت ما في معتدي لنتانه رائحتة انا المدلل هل اكل هذه الاقذار؟
لكن الجوع كافر فلم اتحمل اكثر من يومين ليصبح ذلك الطعام هو سبيل خلاصي للتمسك في الحياة انتظر وصوله بلهفه واصبح اطيب من لحم الطير المشوي على نار الفحم في مطاعم بغداد الشهيرة بقيت في زنزانتي لايام طويلة لا اعرف كم ، لا اعرف الليل من النهار ،كنت اسلي نفسي بالمعادلات الرياضية التي لم افهم من اين دخلت تفكري فكان الحساب والارقام كل ما افكر فيه حتى اتسلى في وحدتي الحمراء ،وفي ذات يوم فتح باب خزانتي الحمراء الحديدي واخرجت من ذاك المكان النتن لم استطع ان اقف على قدميي الا بعد جهد وكان ظهري منحني مع انحناء جلوسي في حبسي الضيق فاذا بي اصف على الجدار مع اناس حالهم مثلي وجوه عابسة ضئيلة مسح حب الحياة عنها ولحى طويلة بيضاء وسوداء لم نكن نرتدي سوى قطعة واحدة من الملابس تستر العورة فقط ،بقينا على هذا الحال مدة من الزمن كانت كنزهة لي بعد الحبس الطويل، بعد برهة دخل علينا رجل طويل يرتدي الزيتوني بحذاء احمر ملمع ووجة قد ظهرت علية النعمة والترف حتى ترى الدماء تسري بين عروقه يضع على فمه منديل من شدة نتانة رائحة اجسادنا التي كانت تزعجه فاخذ يسال الموجودين عن تهمهم واعترافاتهم وكان لكل منهم قصة فالكل كان متهم بمحاولة قلب النظام الحاكم حتى وصلني الدور
قال ما هي تهمتك؟
قالت انا لا اعرف
قال ما اسمك؟
قلت لا اذكر
قال من اين انت؟
قلت لا اعرف
وفعلا كنت في حينها لا اذكر شيء من شدة الصدمة وهول التعذيب في ذلك السن الصغيرة.
نظر الى احد مرافقيه وقال من هذا المتهم اريد ملفة؟ لكنهم لم يستطيعوا اجابته بشي .
قال اين الاشخاص الذين قاموا بنزع اعترافاته ؟
قالوا فلان وفلان
قال احضروهم لي
فاذا بهم رجلان عملاقان
قال ما هي تهمته؟
قالا لم نستطيع ان نعرف فلم يعترف
قال اين وجدتماه؟
قالا وجدناه في زنزانة المساجين وجه جديد وعملنا معه الواجب المعتاد لكل ضيف جديد ليعترف لكنه لم يعترف وفقد الوعي ثم وضعناه في حبس الكلاب منذ ثلاث اسابيع لتهيئته نفسيا للاعتراف.
قال:- الشاب فاقد الذاكرة لا يذكر شيء
وهناك تكلم احد الموجودين من السجانيين
قال :- سيدي انا اعرف هذا الشاب فهو جندي من الوحدة العسكرية المقابلة لنا سجنه امرة ثلاث ايام عقوبة انضباطية وكان سجن الوحدة لا يتسع للمساجين فارسله الينا لاكمال عقوبته ونحن نبحث عنه منذ ثلاثة أسابيع ولا نعرف اين اختفى حتى وحدته العسكرية ارسلت كتب رسمية تتطالب به لكننا لم نجده
فلتفت الرجل الى الجلادين وقال لهم (تبقون زمايل) هيا ارسلوه الى وحدته بسرعة ,وضعوني في سيارة بيكب عسكري بعد غسلي من قذارتي ادخلوني الى وحدة عسكرية كانت مقابل السجن مع كتاب انهاء واجب وتقرير طبي بالإصابة اثناء الواجب بحادث مروري فتجمع علية الكثير من الجنود اعرف اشكالهم من اشباح في ذاكرتي كانوا ينادونني باسم اجهله ثم نقلوني الى مستشفى عسكري قريب لعلاجي فقد كانت يدي اليمنى مكسورة وهناك كسر في الجمجمه وفقدت عدد من اسناني وكدمات في كل انحاء جسمي الضئيل لكني لاذكر شي عن حياتي السابقة حتى دخلا علية امراة عجوز وشيخ كبير وارتميا فوقي واجهشا بالبكاء
ولدي اين كنت بحثنا عنك في كل مكان ؟
لم اجوابهما لكن عرفت انهما امي وابي.
اخذت ذاكرتي تعود شيء فشيء مع مرور الزمن وزيارة الاحبة لكن لا يزال الضوء الاحمر يلازمني الى هذا اليوم منذ عام 1996 وحتى اليوم لا انام في غرفة بدون ضوء احمر وقلم ودفتر اغوص في المعادلات الرياضية حتى اغيب في كوابيسي التي لا تنتهي ،نعم نسيت الكثير من اسماء اصدقائي والاماكن التي زرتها حتى اني احرقت كل الصور التي كانت عندي لاحمي من كان يعرفني من طغيان رجال ظالمين
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha