يوسف الراشد
الشهادة هي رمز التضحية وعنوان الفداء ولا ينالها الا من اخلص النية وباع واشترى مع الله فهي تجارة رابحة ( من المؤمنين رجال عاهدوا الله ) ( ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموات بل احياء عند ربهم يرزقون ) وكثيرة هي الايات القرءانية التي تتحدث عن الجهاد والتضحية في سبيل الله منذ ان خلق الله هذه الارض وسكنها وعمرها الانسان وسلك فيها طريقين طريق الخير والايمان وطريق الفسق والشيطان.
وكما حدث لقابيل وهابيل اولاد نبي الله ادم واستمر سالكي واتباع هذا الطريق على مر العصور والايام فالحروب التي شهدها التاريخ وخاصة التاريخ الاسلامي وبعد وفاه الرسول الاعظم محمد (ص ) متمثلة بين معسكرين معسكر الحق والذي يمثله علي بن ابي طالب ( ع ) واتباعه ومعسكر الشر والشيطان والذي يمثله معاوية بن ابي سفيان واتباعه وطريق الحسين بن علي (ع ) واتباعه من الفله المؤمنة الذين بذلوا النفوس والعيال والاموال في سبيل الله وطريق الشيطان يزيد بن معاوية واتباعه من بني امية.
واستمر المجاهدون في هذا الطريق ولم تتوقف الامة الاسلامية من انجاب هؤلاء الابطال الصناديد الذين انتفضوا ضد سالكي طريق الباطل وساروا على هذا الطريق وطرزوا طريق الحق والشهادة الى يومنا هذا ومنهم الشهيد السعيد محمد الصدر واخته العلوية نور الهدى والشهيد محمد صادق الصدر والشهيد السعيد الذي سنحي ذكرى في الاول من رجب من كل عام محمد باقر الحكيم ونقتبس جزء من نفحات حياة المباركة في العلم والفكر والاجتهاد وفي الجهاد ومقارعة الظلم والظالمين من الطغاة.
ولد الشهيد أية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم قدس الله سره في 25 من شهر جمادى الأولى عام 1358 هـ - 1939 م في مدينة النجف الأشرف وهو نجل آية الله العظمى الامام السيد محسن الطباطبائي الحكيم المرجع الديني العام للشيعة في العالم منذ أواخر الخمسينيات حتى وفاته عام 1970م - 1390 هـ في السابع والعشرين من ربيع الأول تلقى االشهيد محمد باقر الحكيم علومه الأولية في النجف الأشرف مرحلة الدراسة الابتدائية في مدرسة منتدى النشر الابتدائية التي أسسها الشيخ المظفر حيث أنهى فيها الصف الرابع فتركها بعد أن نشأت عنده الرغبة في الدخول في الدراسات الحوزوية بصورة مبكرة بدأ بالدراسة الحوزوية عندما كان في الثانية عشرة من عمره وكان ذلك سنة 1951م.
أخذ علوم النحو والمنطق والفقه والأصول ليصل إلى دروس السطح العالي ودرس الرسائل عند سماحة آية الله السيد محمد حسين الحكيم ( قده ) والجزء الأول من الكفاية عند أخيه الأكبر آية الله السيد يوسف الحكيم ( قدس سره ) واصل دراسة الجزء الثاني من الكفاية وكذلك جزء من المكاسب عند الشهيد الصدر أيضاً وقد انقطع للدراسة عند السيد الشهيد الصدر (قدس سره) منذ ذلك الحين.
وبعد أن تجاوز هذه المرحلة من الدراسة حضر درس خارج الفقه والأصول لدى كبار المجتهدين أمثال آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي ( قد سره ) وآية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) حيث حضر عنده في بداية تدريسه لبحث الخارج واستمر بالحضور لدى هذين العلمين الكبيرين فترة طويلة وكان الشهيد الصدر يوليه اهتماماً خاصاً وملحوظا وقد عرف منذ سن مبكرة بنبوغه العلمي وقدرته الذهنية والفكرية العالية فحظي باحترام كبار العلماء والأوساط العلمية.
كما نال في أوائل شبابه من المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين شهادة اجتهاد في علوم الفقه وأصوله وعلوم القرآن ولم يقتصر سماحته على تعلم الفقه والأصول وإنّما أضاف إلى ذلك العلوم الحديثة وكان يطّلع وهو في شبابه على الأفكار الجديدة التي أخذت تدخل إلى أوساط المجتمع العراقي عبر الكتب والمجلات والصحف فمنحه ذلك قدرة التواصل مع التطورات الحديثة على الأصعدة المختلفة.
وإلى جانب ذلك تميز سماحته بفكر عميق وشامل فهو يطرح القضايا ويناقشها بدقة ويغوص في أعماق الدليل فيخرجه وقد عرف في الأوساط العلمية والسياسية بقوة الحجة والدليل فشهد له بذلك كل من حاوره أو استمع اليه وكل ذلك كان قد أهله وهو بعد لما يتجاوز العشرين عاماً لكي يساهم في مراجعة كتاب فلسفتنا لعملاق الفكر الإسلامي المعاصر آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر ( قدس سره ) بعد أن حضر دروسه الفلسفية آنذاك وهو كتاب لا نظير له في مناقشة الفكر المادي وهي مراجعة لم تكن تقتصر على اختيار العناوين وإنما امتدت لتشمل مناقشة الأفكار والآراء.
كذلك فقد كتب الشهيد الصدر ( رض ) كتاب فلسفتنا مرتين بمنهجين وكان لسماحة السيد الحكيم دور في تشخيص التصميم العام للمنهج في الكتاب وكذلك قراءة الكتاب لمناقشة أفكاره ووضع العناوين وتقسيمها لفصول وموضوعات ومن ثم الإشراف على تصحيحه وطبعه إن أهم الأساتذة اللذين تتلمذ على يديهم هم اية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر وأبوه السيد محسن الحكيم والسيد أبوالقاسم الخوئي والشيخ حسين الحلي وأخوه السيد يوسف الحكيم ونال سماحته مرتبة عالية في العلم بفروعه وفنونه المختلفة مارس التدريس لطلاب السطوح العالية في الفقه والأصول.
وكانت له حلقة للدرس في مسجد الهندي في النجف الأشرف وعرف بقوة الدليل وعمق الاستدلال ودقة البحث والنظر تخرج على يديه علماء انتشروا في مختلف أنحاء العالم الإسلامي منهم شقيقه الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم والسيد محمد باقر المهري والشهيد عباس الموسوي الأمين العام الأسبق لحزب الله اللبناني والشيخ أسد الله الحرشي والشيخ عدنان زلغوط والسيد حسن النوري والعلامة السيد صدر الدين القبانجي والشيخ حسن شحاده والشيخ هاني الثامر.
اما حياة الجهادية فهي مليئة بالمواقف البطولية والجهادية وهو من اوائل الذين وقفوا ضد نظام البعث الاستبدادي وسجن عدة مرات واحكم عليه بالاعدام ثم افرج عنه ثم سجن ثم افرج عنه مرة اخرى ثم ترك العراق بعد ان لوحق من ازلام النظام واعدم اخوانه وبناء جلدته ورفاق دربه ليبدأ مرة جديدة من الجهاد داخل ايران وينظم صفوف المعارضة العراقية من الاكراد والسنة والاقليات الاخرى التي طاردها نظام صدام من المهجرين واللاجئين حتى سقوط النظام عام 2003.
ودخل العراق من الجنوب من البصرة باستقبال لا نظير له من الجماهير وبكل محافظة يمر موكبه بها حتى استقر في النجف الاشرف ليبدا مرحلة جديد في ادارة البلد وطرد المحتل الامريكي لكن قوى الشر والاستكبار العالمي واللولب الصهيوني والرجعية من الحكام العرب تحالفوا مع الشيطان الاكبر وبعد اداءة صلاة الجمعة في الصحن العلوي الشريف وخروجه بجوار الصحن الخارجي ليفجعوا المؤمنين والمجاهدين باستشهاده بانفجار سيارة ملغومة ويلثموا الاسلام من جديد بفقد كوكبة فنت عمراها من اجل اعلاء كلمة الاسلام وكان العراق بامس حاجه اليه.
ويبقى الشهيد السعيد محمد باقر الحكيم هو عنوان الشهادة ورمز التضحية ونور يضيىء درب المجاهدين .
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha