المقالات

صدام والولادة في سراديب البيت الابيض


اسعد عبدالله عبدعلي

 

احسست بصداع رهيب نتيجة ضغط العمل, فأسرعت نحو المقهى الثقافي القريب من مكان عملي لشرب الشاي, فبعد تجارب الاعوام تيقنت انه العلاج السحري للصداع, جلست في الطرف الدافئ من المقهى, كان الى جنبي رجل مسن وبيده صحيفة, فسألته عن اخبار الوطن, والى اين تتجه الاحداث؟ فقال لي: "فوضى وجهل وعنتريات تجتاح البلاد, وهذا لا ينتج ما تتأمله الامة".

قلت له على سبيل الاستفزاز واخراج مكنوناته: وما رايك بالمطالبة بإخراج القوات الامريكية؟

فانزعج من السؤال ثم اطلق حمم بركانية لم تتوقف الا بسعاله ثم طلبه الماء, حيث قال: "دعني اقلب اتجاه الحديث, فأقول لولا امريكا لابتلع صدام كل دويلات الخليج, ولولا امريكا لاستمر حكم صدام الى عشرات السنين, ولولا امريكا لاستمر قانون قطع الاذن والالسن الى ان تحين الاقدار, ولولا امريكا لما ذاب واختفى احفاد السبعاوي والمجيد والعفالقة, فلولا امريكا لحكمكم اولاد واحفاد صدام, كل هذا الا يشفع لكم بالمسامحة عن ما تفعله القوات الامريكية الغازية من بعض جرائم انسانية!

الحقيقة ازعجني جوابه حيث يتسامح مع كل ما تفعله امريكا في العراق, باعتبار ان لها فضل في عنق العراقيين!

فقلت له: بل يمكنني ان اجيبك بالحقيقة الناصعة التي لا ترفضها وهي: لولا امريكا لما وصل صدام للحكم, ولولا امريكا لما شن صدام حربه ضد ايران, ولولا امريكا لما غزا صدام الكويت, ولولا امريكا لما قمع صدام الانتفاضة الشعبانية, ولولا امريكا لما تمكن صدام من تشريع قانون قطع الالسن والاذن وتنفيذ الاعدامات بحق الشعب, كل ما حصل للعراق من عام 1980 والى اليوم برقبة امريكا, وما صدام الا دمية تحركها ارادة البيت الابيض.

سكت العجوز غارقا في افكاره, اما انا فهجمت على ما بقي في كوب الشاي, كان كلانا يريد ان يقول شيئا, اكمل العجوز شرب الشاي التفت الي وقال: "اتفق معك, لكن كان يجب ان نستغلهم فهم يتحملون ما جرى على العراق, مثلما فعلتها اللمانيا واليابان مع امريكا وحلفائها, عبر اتفاقيات تنظم وجود المحتل وتجبره على أعمار ما دمره, نعم لقد خذلتنا الطبقة السياسية بخضوعها التام لأمريكا! وتفريطها بحقوق البلد مقابل سيطرتها على الحكم".

نظرت بعمق في عيني هذا العجوز افكر فيما قال, هززت راسي موافقا لطرحه, ثم نهضت للمغادرة, وقلت له:

" نعم... ساستنا نجحوا بامتياز بتضييع حقوق العراق, مقابل الفتات الذي اعطته لهم امريكا, على حساب العراق وحقوقه, لكن لا فضل لأمريكا علينا, فالأمريكان هم من اتى بصدام, وهم من دعم سياساته بحق جيرانه وشعبه منذ عام 1980 الى 2003, ولولا مساندتهم له لما بقي يوما في الحكم, كانت لهم القدرة على ازاحته منذ البداية, لكن هم كانوا مستفيدين من وجوده, فهو الذي انعش سوق بيع السلاح وفتح ارض الخليج لقواعدهم, وتم قتل مئات الالاف من العراقيين وهذا مهم عندهم, لاعتبارات سياسية وجغرافية ودينية.

تبسم العجوز وقال: "نحن متفقان, قد يكون كلامي غير متكامل عن فكرة العبد وسيده, وكنت انظر لصدام فقط من دون اسياده, نعم كلانا يعبر عن نفس الفكرة, انا كنت اراها من جانب وانت احطت بها, صدام ولد في احد سراديب البيت الابيض, ليكون عفريتاَ شاذاَ منزوع القيم, قد تم وضع شريحة اوامر في مؤخرته تدفعه لفعل كل قبيح, وهذا ما تم لاحقا".

ضحكنا معا حتى دمعت عيوننا, وكان العجوز يؤكد على موضوع الشريحة ومؤخرة صدام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك