عمار الجادر
خمس سنوات مضت ، حتى اعتدنا على القتال بمفردنا، وكأننا ننزف ماء بدل الدماء، ولم تستفق عقول نخرة من حثالة الثقافة القومية، وكأن ذاك الشهيد الذي قضى دفاعا عن حرمة وطنه، تاركا خلفه عائلة تقطن في شبه سكن، كأنه مرتزق مات من اجل المال لا عقيدة ثابتة، ولخالقه يشكو جفوة الاهل والاصدقاء.
قد تكون مقدمتي قاسية بعض الشيء، لكن قساوة القلوب يجب ان تواجه بقساوة الصدمة، فهي نفس الافواه التي نعتت من جاهد بنفسه لاجل ان تبقى تلك الافواه تنعق عليه وتنعته بالسارق للثلاجة، وسارق الابقار، وهو يخوض اشرس المعارك في فلوجة الغدر والخيانة، وفي جرف الشياطين الذي اصبح جرف النصر، وعلى مرأى الناظر يذبح حشدنا بسكين الغادر، ولكني اعرف روحه فقد مسحت دمعتي عليه ذات يوم، وقالت: لم تؤلمني سكينة الاعداء، بل تحز نحري كل يوم كلمة الخيانة التي تطلق علي، واحمد ربي على ذبحي بيد الغرباء، ولم اسحل ويمثل بي كما فعل بوسام العلياوي، او اقطع بالسكاكين كما فعل بالشهيد احمد المهنة، قلت: لا هذه ليست افعال ابنائنا، قال: اصمت لاني حاولت ان اصبر جرحي بهذا الكلام، لكن تأتيني الحقيقة كل ثانية وهم يمزقون صورتي، وينعتون ولدي بالذيل.
خمس سنوات وفي ظل الحشد نحن ننعم، واعراضنا مستورة ولم تسبى، ولكن تأبى علينا غيرتنا ان نرى رتقنا يفتق، والعرض الذي يكون اغلى ما نملك يعرض للبيع والنخاسة الفكرية، ودم يقال له شهيد وهو انجس دم امتزج بالخمور والفجور، بينما دم صاحب العقيدة يقال له ذيل! صور العاهرات ترفع وصور الابطال تحرق وتمزق، من يتكلم بالدين والعفة والشرف، يقال له اخرجوهم انهم قوم يتطهرون، ولا زلنا نجاهد.
نجاهد من يخرسنا لقول الحق، ونجاهد الجهل الذي عشعش في بيوتنا، ونجاهد لاجل ما بقي من عقيدة اختلطت في عقول الاجيال، لم نجاهد ضد من قال حق، لكن نجاهد من قال كلمة حق يراد بها باطل، نجاهد لاجل عقيدة في يوم سابق رفعت ضدها الصحف على الرماح، نجاهد لعقيدة نحن نؤمن بها، فليعتبرها الاخر انها فاسدة وليحترم عقيدتنا، لم تحز الرقاب سكين البغي، بل حزت انفاسنا سكين اخوتنا منا، فأي هدية تلك التي قدمناها لمن ضحوا بأنفسهم لاجل ان نحيا بهداهم؟! ومن هو الوطني ومن هو الخائن؟!
سنبقى نجاهد في سبيل ان نحيا شرفاء، في سبيل ابنائنا الذين لا ذنب لهم سوى ان اهلهم اناس يتطهرون، سنجاهد لاجل الطهر في ارض سالت عليها دماء الطاهرين، وسنبقى الحسين ويموت الباغي ابن الباغين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha