د. أكرم الحكيـــم
الحثّ الهائل على زيارة الأمام الحسين ع وأحياء أمره بمجالس الذكر لمصيبته وأحياء الشعائر الحسينية المتنوّعة المتقيّدة بالضوابط الشرعية , كل تلك الشعائر و أضافة الى تأثيراتها الأيجابية على تكامل البعد الأيماني والأخلاقي في شخصية القائمين بها والمشاركين فيها فضلا عن الثواب الأخروي الذي يحصلون عليه , فهي بمثابة الوسائل الأستراتيجية لتحقيق هدف أبقاء الجماعة الصالحة (جماعة أتباع أهل البيت ع) وكل القواعد الشعبية لحركة الأمامة ,وبالأخص القواعد الشعبية للأمام الثاني عشرالمهدي المنتظر ع ,في حالة الوعي المستمروالأنتظار الواعي وحالة الأستعداد الكامل للتضحية بالمستوى الذي يقتضيه الهدف وبالتالي حالة الأرتباط المستمر بالقيادة الحقيقية التي تتحرك ضمن التخطيط الألهي الذي أشرنا اليه . و من هنا نفهم أسرارالتفاعل الوجداني الهائل الذي لامثيل له خاصة لدى أتباع أهل البيت ع في موسم المحرم وعاشوراء ( عن الامام محمد الباقرعليه السلام قال : ( كأني بالقائم (يقوم المهدي) في يوم عاشوراء وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام، وكأني به يوم السبت العاشر من المحرم قائم بين الركن والمقام، ...). معجم أحاديث الامام المهدي ج3: ص 293 الحديث 830 .
أذا ’كنا نرغب بالتعرّف على واقع الأسلام والمسلمين في عصرنا الراهن ,لو لم ’يبادرالأمام الحسين ع الى نهضته المباركة وثورته الفريدة ضد النظام الأموي...وماأدّت اليه من نتائج فكرية وسياسية وأخلاقية وأجتماعية ودينية , فلنتصوّر بأن أنظمة ’حكم وتيارات دينية وسياسية مثل طالبان وداعش وممالك ومشيخات البترودولار ...حيث تحتكر فيها عوائل الحكم والمال والأعلام و’تبالغ في بناء المساجد الفخمة الكبيرة ورفع الشعارات الدينية في الظاهر,ومثل الحركة الوهابية وباقي المجموعات التكفيرية (الذبّاحين وآكلي أكباد ضحاياهم ) والرافضين تماما للآخر المختلف معهم دينيا ومذهبيا (بل وتصدرالفتاوى بقتلهم)... بأن كل هؤلاء هم الممثلين الشرعيين الوحيدين للأسلام ولكلمة الله في الأرض ..!!
نهضة الأمام الحسين هي التي أسقطت رداء الشرعية الزائف عن الخلافة الأموية ودول الخلافة التي جاءت بعدها والتي تحولت الى ’ملك عضوض وفاسد ...
ونهضة الأمام الحسين ع هي التي أتاحت للأمة وللباحثين عن الحقيقة فرص حقيقية للتمييز بين أدعياء الدين وحملة الدين الأمناء , وبين وعّاظ السلاطين وبين العلماء الربانيين الزاهدين ...
ونهضة الأمام الحسين ع هي التي أسقطت الصلاحية التي منحها بعض الخلفاء لأنفسهم دون وجه حق لألغاء نصوص وتحريف نصوص بحسب مصالحهم , وفي المقابل فتحت النهضة الحسينية أبواب الأجتهاد في العصوراللاحقة لفجرالرسالة ولكن ليس على حساب النص الألهي , بل بأعتماد النص ولكن مع أدراك الواقع وتحكيم العقل الذي ’يعتبرمن أفضل نعم الله ...
ونهضة الإمام الحسين عليه السلام هي التي وفـّرت للثائرين ضد الظلم والظالمين في مختلف العصور معينا من الأفكار الثورية الراقية ومعينا من القوة المعنوية الهائلة ..لأن الحسين ع كان بحق مثال الثائر الصادق المضحي بكل ماعنده من أجل المباديء الخيّرة ومواجهة الطغاة المتفرعنين ونصرة المظلومين والمحرومين ...
ـــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha