ضياء المحسن
منحت السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي الولايات المتحدة الموافقة على إعادة انتشار قواتها العسكرية على أراضي هذه الدول، بحجة وجود اتفاقات ثنائية بينها، بهدف ردع أي إعتداء إيراني محتمل.
الملاحظ أن الموافقة جاءت بمثابة تصعيد خطير من قبل هذه الدول ضد إيران، مستندة الى وقوف الولايات المتحدة الى جانبها، في قبال ذلك فإن هذه الدول مستعدة أن تدفع مليارات من الدولارات للحفاظ على عروشها.
حتى مع هذا التصعيد الخطير، لا يبدو في الأفق أن إيران وحتى الولايات المتحدة تريد الإنجرار الى حرب في منطقة الخليج، وكل الذي يجري هو محاولة لفرض النفوذ من قبل طرف على الطرف الأخر، حيث تؤكد الولايات المتحدة أنها لن تحارب إيران إلا في حالة وقوع إعتداء على مصالحها؛ سواء بصورة مباشرة من قبل القوات الإيرانية، أو من قبل جهات موالية لها في المنطقة (الحوثيين في اليمن، الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان) وهو أمر لن يحصل أبدا، فإيران لن تحارب ليس خوفا من الحرب، بل لأنها تعلم أن الحرب هي محرقة لجميع الأطراف، لن يكون فيها رابح أبدا.
الرئيس الأمريكي ترامب أوضح في حملته الإنتخابية والتي فاز فيها، أنه لن يدخل في صراعات عسكرية في أي مكان، مع هذا فإن هناك في إدارته من يحاول دفعه للحرب مع إيران، والشواهد كثيرة في محاولتهم دفع الرئيس الأمريكي للحرب، حيث حاول بولتون تصوير إسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو لصالح زعيم المعارضة خوان غوايدو فيها مجرد نزهة، بما يوحي للمتتبع أن هناك نوع من القتال داخل إدارة الرئيس حول كيفية إدارة الأزمة مع إيران.
ما الذي يمكن أن تستفيد منه السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي من هذه الخطوة؟
بداية نشك في أن هناك أية جدوى من هذه الخطوة، لكنها محاولة من الولايات المتحدة لحلب مليارات من الدولارات من هذه الدول، بحجة حمايتهم من (بعبع إيران)، وفي محاولة لدراسة الواقع على الأرض لهذه الدول، نجد أن إيران (لو أرادت زعزعة الإستقرار في هذه البلدان) لكنت استخدمت ورقة أقوى، بامتلاكها أكبر جالية خارج إيران، وهؤلاء يعيشون في أغلب دول منطقة الخليج والسعودية، بالإضافة الى سيطرتهم على حركة السوق في هذه الدول، دون الحاجة الى إبراز العضلات الذي يؤدي الى قلق كبير لا مسوغ له.
الأمريكان أنفسهم مطمئنين بأن رئيسهم لن يرتكب حماقة الحرب على إيران، لأن إيران لا تشكل خطرا عليهم، في حين أن الحرب لو وقعت ستؤدي الى إرتفاع أسعار الوقود داخل الولايات المتحدة، وهو أمر لا يمكن للناخب الأمريكي أن يتحمله، وهو أمر يدركه الرئيس ترامب ويحسب له حساب.
من هنا فإن الأمر لا يعدو عن محاولة إبتزاز لهذه الدول لتسديد الفواتير الناتجة عن إستقدام الجنود والبواخر العسكرية، كما أنها مجرد رحلة إستجمام لهؤلاء الجنود مدفوعة الثمن من قبل (عربان الخليج).
https://telegram.me/buratha