ضياء المحسن
ترتبط أغلب فصائل الحشد الشعبي في العراق عقائديا مع الجمهورية الإسلامية في إيران، بالإضافة الى أنها تحتفظ لها بمواقف كبيرة أثناء الهجمة البربرية لتنظيم داعش الإرهابي، عندما قدمت الجمهورية اٌسلامية كافة أنواع الدعم لهذه الفصائل، من أجل دحر الإرهاب واستعادة المدن من براثنه.
عدا عن ذلك فإن الحشد الشعبي لا يمكن أن ينسى أن ولادته الحقيقية من رحم فتوى المرجع الأعلى السيد السيستاني، والتي لولاها لكان العراق اليوم تغطيه سحابة سوداء، ولكانت أرضه ونساؤه مستباحات (لا قدر الباري عز وجل) كما حصل في بعض المناطق التي تعرضت لغزو برابرة القرن العشرين.
ما يشاع بأن فصائل الحشد الشعبي تأتمر بأوامر قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، وأنها تتأهب لضرب مصالح الولايات المتحدة في العراق، خاصة بعد تخفيض الولايات المتحدة لموظفيها غير الرئيسيين، ما هو إلا محاولة لزج الحشد الشعبي والعراق في أتون الحرب التي لن تشتعل كما يريد لها أصحاب الغرض السيء؛ ذلك لأن الحرب ليست نزهة في إمارة موناكو.
لكن الصحيح أيضا إن فصائل الحشد الشعبي تتأهب لكل أمر طارئ، فمحاولة زج اسم العراق والحشد الشعبي في الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، قد يكون من وراءه هدف خطير؛ يتمثل بضرب العراق بحجة أن (الميليشيات المتعاونة مع إيران) تريد ضرب مصالح أمريكا في العراق والمنطقة، وهو الأمر الذي تنبهت إليه قيادات هذه الفصائل.
حتى مع ملاحظة إرتباط هذه الفصائل عقائديا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، يجب أن لا ننسى أمرا بالغ الأهمية، ألا وهو أن الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية تاتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، والعراق اليوم يحاول أن ينأى بنفسه عن الصراعات الخارجية، لكن هذا لا يمنع من تدخله بما يمتلكه من صداقات لدى الطرفين المتنازعين من أجل التوصل الى حل يرضي جميع الأطراف، ويجنب المنطقة الدخول في حرب تلهب الصيف الذي يقترب شيئا فشيئا.
لكن هل الحرب بين المتصارعين قائمة؟
إعلاميا نستطيع الجزم بأن الحرب قائمة على قدم وساق، من خلال التحشيد على جميع المستويات، وأخرها تخفيض عديد موظفي السفارة الأمريكية في بغداد وأربيل، لكن حقيقة كل منهما يفكر ب(براغماتية) فيما يمكن أن يحصل لو قامت الحرب فعلا، والنتائج الوخيمة التي سوف تجري على المنطقة والعالم، خاصة وأن المنطقة تجلس على برميل نفط لو انطلقت رصاصة واحدة سوف يشتعل ويحرق الأخضر واليابس.
هذه الحشود ما هي إلا رسائل يتداولها الجانبين في محاولة للضغط للجلوس الى طاولة المفاوضات وفق شروط يضعها كلا منهما، ذلك لأن الجميع يعلم يقينا أن الولايات المتحدة لو ارادت حقا إسقاط نظام الحكم في إيران، لن يكفيها حاملة الطائرات لنكولن وما يقرب من 90 طائرة وقاذفتي قنابل، فإيران 2019 ليست هي نفسها إيران عام 1987.
إن الهدف الأول مما يجري حاليا في منطقة الخليج وبحر العرب، ما هو إلا إستعراض للقوة من الطرفين، وحتى لو وقعت الحرب ستكون محدودة وسريعة، ذلك لأن خروجها عن مسارها سيكون مكلف لجميع الأطراف، وعلى الجميع أن يتأمل نتيجة الحرب على العراق، التي استنزفت أكثر من ترليون دولار، ناهيك عن الخسائر البشرية التي قاربت على المليون قتيل، وستكون الحرب (لو قامت) مكلفة أربعة أضعاف ما كلفته الحرب على العراق.
https://telegram.me/buratha