أكرم الحكيم
قبل مواصلة هذا البحث نود الإشارة إلى ظاهرة نلحظها في كتابات نقرأها في بعض المواقع الأليكترونية الشخصية والعامة ...,تلك الكتابات تسعى للإيحاء بخطأ وسلبية أغلب المواقف السياسية لشيعة العراق ...موقف الشيعة كان خاطئا بالدفاع عن الدولة العثمانية وموقفهم كان خاطئا تجاه الإحتلال البريطاني للعراق ..وموقفهم كان خاطئا من المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم ..وموقفهم كان ولايزال خاطئا من الإجتياح العسكري الإمريكي للعراق..وموقفهم خاطئا في دعم النظام الحاكم في سوريا الشقيقة...بل وموقفهم كان ولايزال خاطئا لمطالبتهم بحقوقهم المدنية والسياسية والثقافية (كما ذهب اليه السياسي العراقي المؤلف لكتاب القسوة والصمت ..في النص الذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة)..وموقفهم الآن خاطئا لعلاقتهم الإيجابية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعاطفهم مع المقاومة الللبنانية والحوثيين .. الخ ...ولايكتفون أولئك الكتاب بتلك النظرة السوداوية للمواقف الشيعية ..بل ويحمّلونها مسؤولية إنتشار ظاهرة الشيعة فوبيا
أولا ليست كل المواقف التي يتّخذها السياسيين الشيعة العراقيين تجاه الأحداث هي معبّرة عن الموقف الشيعي العراقي , وثانيا يمكن إعتبار موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف والمتصدّية للشأن السياسي العام ..’معبّرة عن الخط العام لمواقف الشيعة العراقيين..وثالثا ..أغلب تلك المواقف المشار اليها , كانت بشكل عام صحيحة ..مثلا في الموقف العام من الإحتلال البريطاني قبل حوالي قرن من الزمان , كان الموقف صحيحا لإنسجامه مع ثوابت العقيدة الإسلامية الرافضة للعدوان والإحتلال الأجنبي ..وإنسجامه مع الموقف الوطني العام ,وهو نفس الموقف الذي تتّخذه كل شعوب العالم عندما تتعرّض لغزو خارجي ومن يريد فليقرأ تاريخ الشعوب والدول المعاصرة ..وبعد كل تجارب الشعوب مع القوى الإستعمارية الكبرى , لاأعتقد بوجود سذاجة سياسية تعتقد بأن العرض البريطاني لشيعة العراق (إن ’وجد مثل ذلك العرض المزعوم )قبل حوالي قرن ..أو الإتجاه الإمريكي في عام 2003 لتسليم السلطة في العراق للشيعة ..كان عرضا صادقا بالمستوى الإستراتيجي ,بل هو سياسة مرحلية تسعى لتوظيف نقمة بعض المكوّنات على حكوماتها الظالمة وعلى الإضطهاد التاريخي لهم من قبل الخلافة العثمانية الظالمة والمنحرفة أو الحكومات الدكتاتورية التي حكمت العراق وآخرها النظام البعثي المجرم (والذي جاءت به ودعمته اعقود نفس تلك الدوائر الدولية التي تدّعي توجّهها لرفع الحيف عن شيعة العراق..),توظيف تلك النقمة الشعبية لخدمة خططها وسياساتها المرحلية ..لغاية تمكّنها من بناء ركائز نفوذ جديدة بعد سقوط العميل السابق . بشكل عام تميل القوى الكبرى الى سياسة إعتماد بعض الأقليات المناطقية أو العشائرية وحتى الحزبية والدينيةفي بناء النظام السياسي الموالي لها والدائر في فلك نفوذها,لأن حكم الأقليات يميل عادة إلى تعويض ضيق قاعدته الشعبية بالسعي للحصول على الدعم الخارجي ..وهذا ماتريده بالضبط القوى الكبرى المهيّمنة ..وكما هو معلوم شيعة العراق أغلبية شعبية في وطنهم وليسوا من الأقليات ..
https://telegram.me/buratha