ضياء المحسن
قد يبدو العنوان محاولة إستشرافية لحقيقة ما يجري في منطقة الخليج، بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها من جهة أخرى، لكنه ليس كذلك في واقع الأمر؛ بل إن الأمر لا يعدو أن يكون ترتيب لما يحصل من تناقضات في المواقف، التي يراها البعض أنها مؤشرات لحرب عالمية ثالثة، ونحن نراها الطريقة المثلى لجلوس الفرقاء الى طاولة المفاوضات (البغدادية).
عندما نقول طاولة المفاوضات البغدادية، فلأننا نعتقد أن الحكومة العراقية بما تملكه من أدوات تلعب فيها بين طرفي النزاع الأمريكي والإيراني، يؤهلها لأن تكون الوسيط الموثوق به في إيصال الرسائل بينهما قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات، التي ستأتي إن عاجلا أم آجلا.
قضية التهديدات الأمريكية وزيارة مايك بومبيو الى بغداد وإجتماعه برئيسي الوزراء والجمهورية، لم يكن إلا محاولة لجس نبض الجانب الإيراني من خلال ما يسميه (الميليشيات المرتبطة بإيران) وهو يقصد هنا فصائل الحشد الشعبي، ومع أن عميد الخارجية الأمريكية يعرف هذه التسمية، لكنه حاول خلط الأوراق لكنه لم ينجح في مسعاه، فأثر أن يقول خلال مؤتمره الصحفي أنه أخذ تعهد من الحكومة العراقية على حماية السفارة الأمريكية والأمريكان الذي يعملون في العراق.
بعيدا عن هذا وقريبا من الأزمة نجد أن دخول حاملة الطائرات لنكولن لا يعدو أن يكون إبراز عضلات من جهة وإبتزاز من جهة أخرى، لأن الأمريكان يعلمون جيدا قدرة القوات الإيرانية على فعل أشياء كثيرة يمكن أن تمرغ أنف الولايات المتحدة في الوحل، وهذا ما لا تطيقه الولايات المتحدة، لكن الغريب هنا هو أن مستشار الأمن القومي هو من أبلغ الصحفيين بتحرك حاملة الطائرة وليس وزير الدفاع أو البنتاغون، والجميع يعرف جون بولتون وتوريطه لجورج بوش في احتلال العراق، ويعد من أشد أعداء الجمهورية الإسلامية.
نعتقد أن العراق يمتلك مقومات كثيرة يستطيع إستثمارها في إقناع طرفي النزاع الأمريكي والإيراني، بضرورة تجنيب المنطقة أوار الحرب، والتي لن تقتصر على منطقة الشرق الأوسط، ناهيك عن تأثيرها على دورة الإقتصاد العالمي والتي تعاني من شبه ركود نتيجة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة الى الأزمة في فنزويلا والحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على هذه الدولة الغنية بالنفط.
مسألة الإقتصاد وصعود برميل النفط في السوق العالمي لن يكون مجدي خاصة بالنسبة للعراق، لأن الحرب إذا ما وقعت ستكون على الطريق الذي تمر به ناقلات النفط التي تحمل النفط العراقي، لذلك فإن من مصلحة العراق التدخل بقوة لدى الطرفين لرأب الصدع، وإقناعهما بالجلوس الى طاولة المفاوضات التي لن تكون سهلة، لأن سقوف مطالب الطرفين عالية، ومع هذا فإن مسيرة رسم إتفاق جديد بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية بحاجة الى وقت لتقريب وجهات النظر، وكلنا يتذكر الإتفاق النووي الذي تم توقيعه بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي من جهة، وبين إيران من جهة أخرى كيف استمر لسنوات طويلة.
https://telegram.me/buratha