أكرم الحكيم
الخوف والتخويف من التشيّع والشيعة (الشيعة فوبيا ) ..ظاهرة ليس بالجديدة , وهي وبالرغم من جذورها العقائدية والتاريخية ..إلاّ أنها في الغالب محكومة بنوايا وأهداف سياسية ..وربما كانت الثورة الشعبية في الجارة إيران (1979) ,الحدث الأكثر تأثيرا في إنطلاقة الموجة الظالمة المعاصرة من ظاهرة " الشيعة فوبيا " ضد شيعة المنطقة العربية عموما وشيعة العراق بشكل خاص ...خاصة وكان لقيادتها الدينية الشيعية الدور المحوري في إنتصارها ..
تصوروا القيادة السعودية (السنية الوهابية ) والقيادة الإيرانية ( الشيعية) في أواخر ستينات القرن الماضي ...كانتا حجر الزاوية في إنبثاق ما ’سمّي في حينه بالحلف الإسلامي (المطلوب إمريكيا آنذاك ) ومنظمة العالم الإسلامي ..أتذكر في موسم حج 1973 شاهدت بعيني صور شاه إيران مرفوعة في مكة المكرمة على واجهة مقرّات الحجاج الإيرانيين ... ولم يكن أحدا يعترض ولو بكلمة واحدة على الظاهرة ...ولكن وبمجرد سقوط الشاه في ثورة 1979 ووصول قيادة جديدة إلى الحكم في طهران ...تعلمون ماذا سمعنا وقرأنا في بعض وسائل الإعلام المموّلة سعوديا في الثمانينات تعليقا على رفع بعض مقرات الحجاج الإيرانيين في مكة المكرمة لصور السيد الخميني رضوان الله عليه ...قرأنا مايلي : " المجوس يرفعون صور أصنامهم في مكة المكرمة " ... مالفرق الذي حصل بين نهاية ستينات القرن الماضي والثمانينات ...خروج إيران من دائرة النفوذ الإمريكي ووصول قيادة وطنية إيرانية مستقلة إلى الحكم .. مثل هذا المثال عشرات الأمثلة المشابهة ..وآخرها موقف القيادة السعودية ( التي طالما طرحت نفسها بوصفها المدافعة عن السنّة العرب )..موقفها من الثورات الشعبية في مصر وتونس ضد الحكام المرتبطين بإمريكا ..وكما نعلم الشعب المصري والتونسي في غالبيته الساحقة ’سنّية المذهب والحركات التي وصلت للسلطة بعد الثورات ..حركات إسلامية ’سنّية ...
هل يبقى شك لدى البعض في إن الشعارات المذهبية المرفوعة في واجهة صراعات اليوم
في العر اق والمنطقة ليس أكثر من أدوات تأجيج وتعبئة وتضليل في الصراعات السياسية القائمة ...
حذّر البعض من المد الشيعي والتمدد الإيراني الشيعي على مناطق الأمن القومي العربي ...وحذّر آخرون من الهلال الشيعي ...والهيمنة الشيعية في العراق التي ’تهدّد أمن المنطقة العربية وأمن الخليج بشكل خاص ...
عندما نبحث ونحلّل دوافع وأهداف الصراعات السياسية القائمة في العراق والمنطقة ..سوف لانجد صعوبة في إكتشاف جوهر تلك الصراعات السياسية بإمتياز ..
للأسف تتصرف شخصيات وقوى شيعية أحيانا وكأنها تقدم خدمة مجانية للدوائر الأمنية والسياسية الدولية والإقليمية التي تريد إقناع شعوب المنطقة بمذهبية الصراعات القائمة ...
https://telegram.me/buratha