المقالات

تلميذة تنادي: سيدي لن أجيبك مرتين!

2603 2019-03-09

أمل الياسري


تنظر من سطح الدار لأن جدها، ووالدها، وأعمامها، يرفضون وجود أي طفل داخل حديقة المنزل، ليدفنوا بضع كتيبات صفراء، والوقت المثالي لهذا القداس الثمين، هو ما بعد منتصف الليل، لأن عيون الطاغية تملأ كل الأمكنة والأزمنة، وبما أن العشيرة دفعت كوكبة من شبابها ومثقفيها، ثمناً للحرية والكرامة بدءاً من 1980 وما تلاها، من قمع، وعنف، وتهجير، فقد توجسوا الخوف حتى منا نحن أبناؤهم، كيلا نتحدث في الصباح عن ذلك الحدث، فلقد دفنت الحرية في الحديقة!
سنوات عجاف طويلة، لم تكن كعجاف مصر بل طال أمدها، ليدفع الشعب العراقي، رجالاً وأطفالاً في حرب وحصار مريرين، فما كابده العراق في تسعينيات القرن الماضي مأساوي، بكل ما تحمله المأساة من وصف عميق، لكن وسط هذا الصمت المخيف، هناك صوت كنا نسمعه في خلسة، يشعل فينا جذوة الأمل، وكلما وضح مصدر الصوت كنا أكثر سعادة، رغم أن صور أحباءنا لا تفارقنا، فهم ما بين مغيب، ومفقود، ومعدوم، ومدفون في المجهول، إنه صوت الثورة الإسلامية في العراق. 
هناك قضية تعيش في وجدان الجماهير وضميرها، وبإرادة غيبية تصبح هذه القضية طاقة محركة للأجيال، تقارع الحكم وترفض الظلم، فترى الرجل العظيم يخرج من بين القصب، ليعلن ثورته المعطاء، فهو زاحف بأسرته وأنصاره نحو الحرية الحمراء، حتى في أشد الظروف قساوة، فلم يبالِ السيد محمد باقر الحكيم (قدس) بهذه الأوضاع، فمفاتيح بيته الكريم أقفالها: هيهات منا الذلة ونحن حسينيون، مستحضراً صور (الكبد والطشت والرمح والرأس)، فيطلقها صوب الطاغية ليقض مضجعه البائس لينادي: لبيك يا حسين.
من العام ( 1980 وحتى بدايات عام 2003) لم يجرؤ أحد على حفر المكان، الذي جرى فيه قداس الكتب الشهيدة، وكنت أنظر إليه بإمعان رغم أنني فارقته سنوات، لكن بمجرد سماعنا لنبأ سقوط الصنم البعثي الكافر، حتى زحفت أقدامنا بلا شعور صوب ما بقي من حديقة جدي، ورحت أحفر بيدي أنا وأخوتي وأبناء عمومتي، حيث بتنا في عمر الشباب، عندها تفاجئنا بما ظل خالداً بين ذرات التراب الرطب، ليشع عبق كلمات معطرة قالها شهيد المحراب آنذاك.
كلمات مضيئة خالدة أمثال:(أمريكا تريد نشر إسلام مهادن، يسكت عن الظلم ويداهن الطغاة، إسلام يشتري الضمائر بالأموال، ويرضى بالفساد والقمع والعنف، إنه إسلام يؤمن بالإرهاب، أما إسلامنا فيؤمن بالحق، والحرية، والعدالة، والكرامة، والجهاد، فهذا الإسلام هو مَنْ ناضل لأجله شهيد المحراب، لذا أنا أفتخر، بأنني مَنْ أخرجت أوراق الشموخ الكبرياء من حديقتنا، لأنني عندها لن أجيب سيدي مرتين، بل سأجيبه في كل مرة: لبيك يا حكيم، يا مَنْ جعلتَ صلاة الجمعة، خاتمة شعائرك الكريمة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك