أكرم الحكيم * وزير سابق
من أجل تحقيق هدف بناء جهاز معلومات وطني ( جهاز مخابرات) لابد من أستقطاب خيرة العقول العراقية والمؤهّلة علميا وسياسيا ونزاهة، وأعتمادها في بناء مركز المعلومات الوطني، الذي تكون مهمّته الأساسي’: رصد المعلومات وتحليلها وتقديم الاستنتاجات والخلاصات للمسؤولين في الدوله ,وكذلك أقتراح الرؤى والمواقف والسياسات...و توفير كافة الأمكانات اللازمه له,فضلا عن أدخال التقنيات الحديثه المتوفـّره ومواكبة التقدم العلمي المتسارع في هذا المجال .والمحافظه على أستقلالية هذا المركز وأبعاده عن التدخّلات الأجنبيه وعن الصراعات السياسيه والحزبيه..لأنه سيكون بمثابة عيون وآذان وعقل الدولة...و الحذر كل الحذر أن يتحوّل الى يد الحكومة الضاربة في صراعاتها الحزبية والسياسية (وهي الحاله السائده للأسف الشديد في أغلب دول العالم التي لا تسود فيها الآليات الديمقراطية في الحكم,وخاصة الدول العربية والأسلامية ودول ما كان يسمّى بالعالم الثالث).لابد من المحافظة على وظيفة هذا الجهاز وعدم حرفه عن مهامه الأساسية ,فمركز المعلومات الوطني (المخابرات) يقوم بتقديم أهم خدمة للنظام السياسي الجديد وللدولة العراقية وللحكومة القائمة من خلال:
# جمع المعلومات اللازمة عن الأحداث والمواضيع والجهات والأشخاص والملفات وكل ما يلزم لصناعة القرارالحكومي في المجالات المختلفة وحسب الأولويات المقرّرة ,ومن مصادرها العلنية والسرية والداخلية والخارجية.
# فحص وتدقيق تلك المعلومات وتوثيقها وتنظيمها وتحليلها ومناقشتها وفق المنهج العلمي (وليس وفق الأهواء أووفق الأملاءات الخارجية أوالمصالح الحزبية والصراعات السياسية ,وهومايجري للأسف الشديد هذه الأيام في العراق)...ثم وضع الخلاصات والأستنتاجات التي يمكن أن يستفيد منها المسؤولين (كلُ حسب أختصاصه وصلاحياته), وهذه النقطه في غاية الأهمية ,لأن من أخطر أساليب الحرب الراهنة هي الحرب النفسية ..وهي تقوم على أختلاق الأكاذيب وتشويه الحقائق وتكبير الصغائر وصناعة الأحداث المزيفة وإيجاد الذرائع للعدوان والحرب على القوى والأنظمة والشخصيات الوطنية ...الخ ,ولا يمكن توفير الحصانة من هذه الأساليب إاّ من خلال فحص وتدقيق المعلومات وتوثيقها وفق قواعد المنهج العلمي والمعايير الأخلاقية المتعارف عليها...
# بناء قاعــدة المعلومات الوطنية اللازمة للدولة العراقية، لتكون بتصرّف ذوي العلاقة.
ــ تقديم الرؤى والمواقف والمقترحات (على ضوء تلك المعلومات ونتائج التحليل ) الــى الحكومة عند الطلب ,أو المبادرة الى ذلك إذا اقتضت الحاجة.
ظاهرتان خطيرتان ذات صلة لا بد من التطرّق اليهما ونحن نتحدّث عن (مركز المعلومات الوطني /المخابرات):الأولى تتعلّق بالأجهزة الأمنية والمخابراتية التي صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية , بعد غزوها للعراق وأغلب مادتها من بقايا أجهزة النظام البعثي البائد وخاصة اللذين كانوا يعملون في قسم مكافحة النشاط الإسلامي وأقسام بعض دول الجوار المسّماة بمحور الشر، وبالرغم من تسليم تلك الأجهزة للحكومة العراقية، إلاّ أن واقعها مليء بالملابسات والألغام القابلة للأنفجار مستقبلا ,والحكومة العراقية أعلم منا بكثير بهذا الملف.. وربما بعض ما شهدته العاصمة بغداد وبعض المحافظات في السنوات السابقة من تصفيات و أغتيالات بكاتم الصوت .. ربما له علاقه بهذا الملف ولا نزيد على ذلك...!!؟
أما الثانية فهي ظاهرة حرف وجهة ومسيرة الأجهزة التي تمتلك أطروحة وأهداف سليمة,الى وجهة خاطئة وضارّة وخطيرة، كما بيّنا قبل قليل طبيعة عمل مركزالمعلومات الوطني (اوجهاز المخابرات الوطني)ويجب أن تنحصر بجمع المعلومات وتحليلها وأستقرائها وتقديم المقترحات للحكومة,بينما مانشاهده في أغلب دول العالم وما شاهدناه في فترة النظام البعثي البائد وما حاولت الولايات المتحدة إيجاده في العراق بعد 2003م هي دفع الجهاز ليكون الأداة الضاربة للجهة التي صنعته ...وكذلك أضافة مهام خارج نطاق جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للحكومة..مهام من قبيل تصفية الخصوم أو تشويه صورتهم والتآمر لضرب قوى وشخصيات وطنية..أو إيجاد أرضية الوقيعة بين العراق وبين بعض جيرانه لصالح أجندة خارجية أو تلميع صورة شخصيات سيئه أوضعيفة أوتابعة لدوائر أجنبيه ومحاولة فرضها كزعامات سياسية أو قادة للدولة ...الخ . لقد وضع الدستور الجديد للعراق الكثير من صمّامات الأمان لمثل هذه الأجهزة والتي تمنع انحرافها عن مهامها الأصلية وتمنع توظيفها و استغلالها في الصراعات الجانبية للقوى السياسية أو بين السلطة والمعارضين لها ضمن حدود الشرعية الدستورية..الاّ أنه وللأسف الشديد يتم الألتفاف على الكثير من الضوابط التي أقــرّها الدستور.
https://telegram.me/buratha