ضياء المحسن
من نافلة القول انه من الضروري التسامح فيما بين أبناء الجنس البشري، خاصة وأنهم يتعرضون لضغوطات الحياة اليومية، ما يجعل بعضهم يتصرف بالضد مما يشعر به تجاه الأخر، بما بؤدي الى نشوء نوع من التباعد والجفاء بينهما؛ لكننا نرى بعد فترة عودة المياه الى ما كانت عليه سابقا من ود وإحترام.
هذا الأمر حض عليه الدين الحنيف من خلال آيات قرأنية عدة، بالإضافة الى الأحاديث النبوية الشريفة والأئمة عليهم السلام، بضرورة الصفح عمن تجاوز علينا.
مع هذا وذاك يُطرح سؤال مهم وهو: هل أن جميع الإعتداءات مشمولة بهذا الصفح والتجاوز؟ وكيف تضمن عودة من أساء اليك، ان لا يعود لتكرار هذه الإساءة؟
مثار هذه الأسئلة ما نسمعه هذه الأيام بضرورة طي صفحة الماضي، فيما يتعلق بأجهزة النظام السابق القمعية، التي عاثت في البلد والعباد ظلما وعدوانا، وتحمل من جراءها كثيرون شتى انواع التعذيب والتنكيل في سجون وأقبية النظام السابق، وضاعت فرص كبيرة وسنوات هي أجمل ما في عمر الإنسان، تلك هي سنوات الشباب التي قضاها كثيرون تحت التعذيب وفي سجون النظام المنتشرة في محافظات العراق، بسبب وشاية من هذا الرفيق أو ذاك للتقرب قليلا من أصحاب القرار؛ ويحظى لديهم بالأثرة والتربيت على كتفيه.
إن طرح هذا الأمر الأن يمثل محاولة لصب الزيت على النار، لأن هناك من تضرر من النظام السابق ولم ينصفه النظام الحالي بسبب المحاباة لهؤلاء، وهو الأمر الذي لا يزال يشكل عقبة كبيرة أمام صفاء القلوب، كان المفروض أن تتم معاقبة من تسبب في تغييب كثيرين عن أحبتهم وأصدقاءهم؛ ثم بعد ذلك ياتي الحديث عن الصفح وطلب السماح لهم بالعودة الى الحياة العملية، والأمثلة كثيرة لدينا، ألم يقوم النظام السابق بتغييب المئات لمجرد انه اعترض في وقت ما على ما يقومون به من تصرفات ضد بعض الإخوة، فكان جزاؤهم أما السجن او الإعدام.
لسنا هنا نطالب بإعدام هؤلاء مع أن القاعدة الفقهية تؤكد على مبدأ المساواة في العقوبة، لكننا هنا نطالب بأن يقتص القانون من هؤلاء الذي تسببوا بأذىً كبير ليس بحق افراد بل بحق المجتمع ككل، لأن ما يعانيه المجتمع اليوم هو نتيجة حتمية لما قام به هؤلاء في فترة سابقةن وعليهم أن يتحملوا تبعات ما قاموا به، لكن أن نسمع أصوات من هنا وهناك بضرورة طي صفحة الماضي وإعادة أزلام النظام السابق الى وظائفهم، فهذا الأمر ينم عن خباثة من تصدر عنه مثل تلك التصريحات، لأنه يحاول شجون من فقدوا أحبتهم وأحلى سني عمرهم بسبب هؤلاء.
عودة لما قلنا في البداية حول ضرورة التسامح فيما بين أبناء الجنس البشري، فالتسامح مرتبط بضرورة إعتراف من ارتكب جريمة بجريمته، بعدها يأتي دور القانون لمعاقبته على تلك الجريمة، وهنا يأتي دور الضحية في العفو عنه، هذا هو التسلسل الطبيعي، أليس كذلك؟
https://telegram.me/buratha