ضياء المحسن
تتعرض المرجعية الدينية منذ عقود مضت الى هجمة شرسة من قبل جهات عديدة، هدفها هو القضاء الى الحصن الذي يحفظ بيضة الإسلام، أمام الإنحدار الى المادية وشيء من الإلحاد الديني (إذا جاز لنا التعبير عن ذلك)، ومع ذلك فإن وجود رجال يقودون الحوزة الدينية ساهم في حفظ الدين والمذهب أيضا.
ومع ذلك فإن المرجعية الدينية لم تتصدى للشأن السياسي، إلا بالقدر الذي يحفظ وحدة البلد، ويحمي مصالح المواطنين، وعدم الإندفاع الى ما يمكن أن يجر العوام من الناس الى موارد التهلكة وإزهاق الروح المحترمة.
بعد أحداث عام 2003 وسقوط نظام البعث، دأبت المرجعية الدينية الرشيدة على الوقوف وبقوة هذه المرة أمام محاولات إيجاد فراغ حكومي، وجر البلد الى حرب أهلية، الأمر الذي جاء وفق توقعاتها؛ فكانت إجراءتها الحاسمة عاملا في وأد الفتنة في مهدها، الأمر الذي أرعب الدوائر الإستخباراتية بسبب فشل مخططاتها التأمرية ضد هذا البلد.
يصور بعض الكُتاب (لأغراض معروفة) بأن المرجعية الدينية هي من ساهمت في صعود هذه الكتلة او تلك، من خلال الإيحاء بأنها تقف في تصريحاتها الى جانب، في حين نجد ان تصريحات المرجعية الدينية تؤكد وبشكل قاطع، وقوفها على مسافة واحدة من جميع الكتل؛ بغض النظر عن الإنتماء لهذه القومية او تلك، أو هذا المذهب أو ذاك، لأن الضابط المهم لديها هو إحترام حقوق المواطن والدفاع عنها، والنهوض بالواقع الخدمي والتنموي لبلد، فيه من الثروات ما يمكن أن تبني عشر دول بحجمه.
لقد ساهمت المرجعية الدينية بحفظ وحدة العراق مرات عديدة، يكفي أن نشير الى حادثة تفجير الإمامين العسكريين في سامراء، والتي كاد البلد ان ينزلق الى الحرب الأهلية؛ لولا حكمة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني في وأد الفتنة في مهدها، والثانية عندما دخلت عصابات داعش الإرهابية لمناطق غرب العراق والموصل (وهي في أغلبها مناطق يسكنها أخوتنا من السُنة)ن حيث إنبرت المرجعية بخطابها في الدعوة الى الجهاد الكفائي، والذي ساهم بإيقاف هذه العصابات من الوصول الى وسط العراق، ومن ثم الهجوم المقابل على هذه العصابات، لإستعادة الأراضي التي سيطروا عليها، وهناك امتزجت دماء العراقيين جميعا من جنوب العراق الى غربه، ومن شرقه الى غربه للدفاع عن وحدة هذا البلد.
الملفت في أمر الهجوم على المرجعية الدينية هذه المرة، هو من أشخاص كانوا محسوبين من المدافعين عنها، أو أنهم قريبين منها؛ بحكم علاقتهم مع وكلاء المرجعية او الشخصيات القريبة من دائرة المرجعية، وهو أمر لا يمكن عده بأنه نتيجة طبيعية لسلوك هذا البعض، بل أن هناك اجندة عملت على إستمالة هؤلاء لتسقيط المرجعية الدينية، وتكون البداية بالمحيطين بالمرجع الأعلى؛ ثم من بعد ذلك يكون الدور على المرجع الأعلى بشخصه الكريم.
نقول لهؤلاء إن هذه الأساليب القذرة لن تنطلي مرة أخرى على المواطن الحصيف، فقد خَبِر هذه الأساليب القذرة وسيكون غدا حسابهم عسير.
https://telegram.me/buratha