ضياء المحسن
مما لا شك فيه أن هناك ضرورات لا يمكن التغافل عنها للحفاظ على العلاقات الإجتماعية والأمن في المجتمع، من هذه الضرورات تأتي مسألة الحفاظ على السلم الإجتماعي في مقدمتها، لأننا بدونها كمن يمشي في أرض مزروعة بالألغام، ولا ندري متى ينفجر هذا اللغم أو ذاك ليبتر أعضاء من جسمنا أو قد يؤدي الى الوفاة حتى.
الخطابات المفعمة بالكراهية والتحريض تؤدي الى نتائج خطيرة في الغالب، ولغة التعصب بين أبناء البلد الواحد، ينتج عنها خطاب متطرف يكون الخاسر الوحيد فيه البلد.
تساهم القنوات الفضائية في جزء كبير من نشاطها على نشر الخطاب الطائفي، خاصة تلك القنوات الفضائية المرتبطة بأجندات خارجية ذات توجه طائفي (ديني أو قومي)، وهو الأمر الذي يضع على كاهل هيئة الإتصالات عبئا كبيرا في تحجيم هذه القنوات ومنعها من عرض هكذا خطاب لا يتسق مع متبنيات الحكومة، بما لا يتعارض مع حرية نشر الكلمة وإبداء الرأي.
قد نجد ضرورة لأن يعبر أي شخص عن وجهة نظره فيما يعتقد، وهذا لا غبار عليه، لكن أن يصل الأمر بمن يعبر عن رأيه بإستخدام القضايا الشخصية لتسقيط الآخرين، فهذا أمر يحاسب عليه القانون كونه يدخل في باب السب والقذف، لذا فإن على من يعبر عن وجهة نظره أن يكون متوازنا في طروحاته وأن يبتعد عن التعرض لقضايا شخصية لمن يوجه إليه النقد.
إن الخطاب الطائفي والعرقي يتسبب في تهديد السلم الإجتماعي، وهو الأمر الذي ينتج عنه في نهاية الأمر الى توقف الحياة الإقتصادية، وإنقطاع التواصل بين الآخرين، بما ينعكس بالتالي الى تدخل خارجي لصالح فئة دون أخرى، وهذا التدخل ليس له إلا غرض واحد؛ هو السيطرة على مقدرات البلد، لأن خلق التمييز العنصري والذي هو طارئ على المجتمع العراقي، يعد محاولة لهدم السلم الإجتماعي في هذا البلد.
معلوم أن الدولة العراقية منذ بدايات تشكيلها، لم تمنع أية قومية أو طائفة من ممارسة حقوقها، لكننا شاهدنا التمييز على أساس اللون والطائفة، وهو الأمر الذي نتج عنه حدوث جدل في الأوساط الأممية عن التمييز العرقي في العراق، والذي يمثل تدخلا من الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية، وكل هذا لم يكن ليحصل لولا الأصوات النشاز التي إنطلقت في تسقيط هذا المكون وهذه الطائفة وغير ذلك.
في فيلم ((الملكة)) والذي يدور حول حادثة الأميرة ديانا، يدور حوار بين رئيس الوزراء توني بلير وفريق عمله، هنا يحاول بعض أعضاء الفريق حث توني بلير لإستغلال الغضب الشعبي على الملكة وإسقاط هيبتها، لكنه يقف بوجههم بقوة ويرفض هذا الأسلوب في التعامل مع الملكة حتى وإن كانت مخطئة، وهو الأمر الذي يعطينا فكرة واضحة عن ضرورة عدم إستغلال الحياة الشخصية لتسقيط الآخرين، لأن ساحة العمل السياسي والثقافي الحاكم فيها هو التنازع الشريف لتقديم الأفضل للشعب.
https://telegram.me/buratha