علي عبد سلمان
يفترض اليوم أن الدولة و الحكومة والقوى السياسية قد فرغت من وضع أسس العهد الجديد منذ زمن مضى، فستة عشر سنة من أعمارنا الرثة قد إنفرطت منذ أن زال الطغيان الصدامي، وكن لسن قليلات بحسابات الربح والخسارة.
كان من المفترض اليوم أن نكون منهمكتين في معركة البناء والتقدم الذي فاتنا منه الكثير، ويفترض أيضا أن يكون الشعب بكل قواه وأفراده، عقولا وسواعد في خضم هذه المعركة..
لكن الإشارات والرسائل التي خرجت من الحراك الناجم عن الخلافات بين أطراف العملية السياسية، تشي على الأرجح أننا نتوغل، يوما بعد يوم، في نوع من الفصل بين الساسة و الشعب، بمعنى تكريس الاحترافية السياسية، المنشغلة بشؤون الدولة والمجردة من روحها الشعبية الجهادية و التلقائية، سعيا وراء ما توفره الدولة من مغانم ومكاسب لصالح أطراف العملية السياسية...
لقد بات من المؤكد أن الشرخ كبير وأكبر من أن ترقعه إجراءات الكتل السياسية وحراكها اللا مجدي، ولن يكون بالإمكان إصلاح الحال بما في يدنا من أدوات، ونعني بها القوانين والأنظمة والمؤسسات والمنفذين، ولا بد من الإعتراف بأن تلك الأدوات متخلفة عن مواكبة إحتياجات الشعب، ناهيك عن عدم قدرتها على صنع الغد الذي نتطلع إليه.
إن الحقيقة طعمها مر لكن تشخيصها مذاقه حلو!..
إن العملية السياسية السيئة قد أفضت الى ما وصلنا اليه من حال، وأن الأغصان الزائدة في جسم العملية السياسية قد نمت طفيليا بسبب ترهلها وإنعدام ضوابطها، وأن تشذيبها أصبح أمرا حتميا، ولا يمكننا قط مواجهة المستقبل بوضع سياسي مرتبك مثل هذا الذي نحن عليه!..
لسنا بحاجة قط لرجال همهم أنفسهم فقط، ولا يتركون ليومنا ولا لمستقبلنا إلا الفتات الذي يقضمه فسادهم!
إن الشعب لا يريد إسقاط النظام الذي إنتخبته أصابعه، لكن الشعب لم ينتخب دولة عناصرها لا تهتم به وتهتم بحالها فقط...إن الشعب يريد الإصلاح الواعي المعقول المسؤول، وليس كلمة تلوكها الألسن...! ولا شيء غير هذا.
https://telegram.me/buratha