ضياء المحسن
تعد قضية فلسطين القضية الأساسية للعرب من المحيط الى الخليج، وعندما نقول أنها القضية الأساسية للعرب فإننا نقصد هنا الجماهير العربية، وليس حكام هذه الدول الذين يتسابقون في الخفاء والعلن لإسترضاء الكيان الصهيوني المحتلة للأرض الفلسطينية منذ عام 1948.
لقد كانت هناك محاولات من قبل الحكام العرب للدخول في حروب مع الكيان الصهيوني، من أجل الدخول في مفاوضات معه لتطبيع علاقات هذه الدول مع الكيان الصهيوني، وقد نجحت مصر في ذلك، كما نجحت قبلها دول أخرى دخلت في علاقات مع هذا الكيان دون حروب.
الملاحظ أن خطوات التطبيع تبدأ في العادة عن طريق العلاقات الإقتصادية، وهو ما حاول يفعله نظام صدام في ثمانينيات القرن الماضي عن طريق سفراءه في دول العالم، لكن كانت هذه المحاولات تفشل لسبب او لأخر، لعدم ثقة الولايات المتحدة بنظام صدام؛ كونه كان يحاول التملص من العقوبات الإقتصادية المفروضة عليه من قبل الأمم المتحدة بحسب زعمهم، حتى أن وزير خارجية النظام طارق عزيز في حديثه لمسؤولين فرنسيين بأنه ((ليس هناك نزاع اقليمي للعراق مع «اسرائيل»، وفي الشأن الفلسطيني يؤكد عزيز أن أية تسوية يقبل بها الفلسطينيون ستحظى بالدعم العراقي)).
هذا الأمر يمكن أن نقبل به من قبل هؤلاء، بسبب تسلطهم على رقاب الشعب، وحكمهم له بالنار والحديد، لكن في زمن الديمقراطية التي نحن فيها بعد عام 2003، ليس من حق الحكومة أو أي وزير أن يتصرف إلا وفقا لما يريده الشعب، وأي تصرف خلافا لذلك فإن من حق ممثلي الشعب المنتخبين أن يطالبوا بإقالة أي مسؤول يتصرف عكس هذه الإرادة، وقد يتطلب الأمر إحالة المسؤول عن ذلك للمحاكم المختصة بتهمة بيع القضية الأساسية للشعب.
وزير الخارجية يمثل وجهة نظر الحكومة في المنابر الدولية التي يحضر إجتماعاتها ممثلا للعراق، وعند لقاءه رؤساء الدول التي يزورها لطرح وجهة نظر العراق فيما يجري من أحداث على الساحة الإقليمية والدولية، لكن الملاحظ أن وزير الخارجية العراقية تجاوز هذا كله عندما صرح علانية بأن ((العراق يؤمن بحل الدولتين لإنهاء الأزمة الفلسطينية مع إسرائيل))
ونحن هنا من حقنا أن نسأل رئيس الحكومة عن موقفه من هذا التصريح الخطير، وماذا فعل لوزير خارجيته عندما صرح بهذا التصريح، وهل يكتفي مجلس النواب باستجواب وزير الخارجية وإقالته فيما لو لم يقتنع المجلس بإجاباته.
إن التهاون في هذا الموضوع الخطير يعد مقدمة للتهاون في مسائل أخطر من ذلك، فقد يأتي يوم نسمع فيه (أن العراق ليست لديه حدود مع إسرائيل، ومن ثم لا جدوى من معاداتها، وعليه كخطوة أولى يتم تطبيع العلاقات الإقتصادية معها)، وفي هذه الحالة نجد البضائع الإسرائيلية تُغرق الأسواق العراقية، والنفط العراقي يتم بيعه لإسرائيل بأسعار مخفضة، فقط لكي ترضى إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة عن ساستنا.
هل هذا هو المطلوب؟ أم ماذا
https://telegram.me/buratha