ضياء المحسن
الحديث عن هيبة الدولة يعني الحديث عن قوة القانون، من حيث الجهة التي تنفذ القانون، وهل هناك من إستثناءات في آلية التنفيذ، ومن هو الشخص المعني سواء بمنح الإستثناءات أو أي امر أخر، وهو حديث يقودنا الى مخالفات صريحة ترتكب باسم تطبيق القانون، من قبل أشخاص بيدهم تلك السلطة؛ ومع ذلك لا يعلمون كيفية تطبيق هذه القوانين.
في المقابل نجد إنفلات كبير في التجاوز على القانون، بما منح المجال لكثير من المسميات بأن تكون حامية لبعض فئات المجتمع، مقابل أخذ أتاوات من هذه الفئة أو تلك بحجة حمايتهم، ما منحهم القدرة على تجاوز القانون؛ باستخدامهم السلاح الذي ينتشر حتى بين القاصرين.
يستند حديثنا هذا الى مشاهدات حقيقية حول الكيفية التي يتم فيها تطبيق القانون بإنتقائية من قبل منفذي هذا القانون، بما يؤدي الى جنوح كثيرين من الذين يصيبهم الحيف، الى اللجوء الى العشيرة وأحيانا الى عصابات السطو المسلح والجريمة المنظمة، لمساعدتهم في استرداد حقوقهم المسلوبة لدة بعض ممن يتكئون على قوة السلطة التي يمتلكونها.
هذا الأمر يُفقد الدولة هيبتها داخليا وخارجيا، فداخليا نجد صعود شخصيات طفيلية تمتلك المال والسلاح وتوجهه بوجه من يعترض طريقها، ومستعدة لتقديم خدماتها مقابل مبالغ بحسب الخدمة المطلوبة، في وقت نجد أن الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن وتطبيق القانون تشاهد ما يجري وكان الأمر لا يعنيها، ما أفقد هذه الجهات ومن وراءها الدولة الهيبة التي كانت موجودة عندما كانت تبسط القانون على الأرض العراقية بمجموعها.
أما خارجيا فإن هذا الأمر يبعث برسالة الى دول العالم، بأن السيطرة في هذا للبلد للقوة وليس للدولة، وأن المنطق السائد هو منطق الغابة ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين، بما يمنح تلك الدول للتدخل في شؤون البلد الداخلية، من خلال إحتضان الأقوى من هذه الجماعات المسلحة، بدلا من تقوية نفوذ الدولة وبسط سلطة القانون على أراضي كامل الدولة العراقية.
إن ما تقدم ذكره لا يُفقد الدولة هيبتها فحسب، بل أن الأمر يتجاوز ذلك الى نشوء طبقة طفيلية، تحاول بما تملكه من أسلحة لبسط نفوذها على أجهزة حكومية، من خلال الترغيب مرة والترهيب مرات عديدة، وهو الأمر الذي يؤثر في نهاية الأمر على صعود أشخاص الى السلطة التشريعية بدعم من هؤلاء، يسهلون لهم تنفيذ مآربهم في انتشار الجريمة والمخدرات والسرقة والبغاء، وهو الأمر الذي يؤدي الى تدمير البنية الإجتماعية.
مما تقدم فإن على الحكومة التي من واجباتها بسط القانون وتنفيذه، أن تعمل بكل القوة التي بين أيديها على تحجيم هذه التصرفات التي تجعل الدولة أهون من بيت العنكبوت، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه ان يكون صوته فوق القانون، بغض النظر عن ماهية هذا الشخص (شخصا إعتباريا معنويا ذا سلطة، أو يحميه القانون) لأن التجاوز على القانون من قبل هؤلاء هو الأخطر على تنفيذ القانون.
https://telegram.me/buratha