ضياء المحسن
لقد لا نأتي بجديد عندما نقول بأن الحياة المعيشية لكثير من الناس متعطلة، بسبب البطالة المتفشية في العراق، وهو ما أدى الى إرتفاع نسبة الفقر الى مستويات عالية، قياسا بدول نظيرة للعراق في إعتمادها على النفط وحتى عدد سكانها.
الأمر المحزن هو أننا نمتلك طاقات كثيرة غير متوافرة في تلك البلدان، حتى أن من هذه البلدان من يحسدنا على تلك النعمة، ومع هذا لا نجد من يوظف هذه الطقات بصورة صحيحة، لغرض رفع المستوى المعيشي للمواطن؛ ناهيك عن تقليل نسب البطالة من خلال الشروع بفتح مجالات العمل أمام الشباب ليعملوا في مشاريع تناسب إمكاناتهم الذهنية والعلمية.
المعيب حقا أن نجد عدد الأحزاب يتزايد بصورة غير منطقية، مع عدم وجود برنامج واضح لهذه الأحزاب في كيفية الخروج من أزمة البطالة وتفشي الفقر بين فئة الشباب وخاصة الخريجين، إلا من خلال الوعود بتعيينهم في دوائر الدولة؛ حتى وصل الحال بالجهاز الحكومي أن يبلغ عديده قرب الرقم ثلاثة مليون موظف، هذا مع عدم الأخذ بنظر الإعتبار أكثر من هذا الرقم متقاعدين يستلمون رواتبهم من هيئة التقاعد.
عندما نرمي بالكرة في ملعب الأحزاب، فلأنها هي من تحكم البلد وليس شخص من خارج الحدود (ولو ضمنيا)، ما أدى الى ظهور طبقة مستفيدة من هذه الأحزاب الى تتجاوز نسبتهم 10% في أفضل التقديرات، أما النسبة العظمى والتي تربو على 90% فهؤلاء ناقمون على الأحزاب التي لم تستطع أن تنهض بالواقع الخدمي للبلد بالرغم من مرور أكثر من عقد من الزمان على تغيير نظام الحكم في العراق.
لكن ما هو الحل؟
قد يكون الحل صعباً في المرحلة الحالية، خاصة مع وجود تحديات كبيرة تواجه الحكومة الحالية، والتي منها هبوط أسعار النفط الى مستوى أدنى من المخطط في موازنة 2019 المقترحة، وحتى مع هذا فإننا نجد ضرورة قيام الحكومة بتنشيط القطاعات الإقتصادية الأخرى، خاصة ما يتعلق منها بالقطاع الزراعي والصناعي وقطاع السياحة، الذي بالإمكان من خلال دعوة شركات رصينة ولها باع طويل في هذا المجال للإستثمار في هذه القطاعات، مع الأخذ بنظر الإعتبار ضرورة تعديل كثير من القوانين المتعلقة بمجال الإستثمار.
المشكلة الأخرى التي قد يواجهها المستثمرين هي الفساد الممستشري في الدوائر ذات العلاقة، ونجد ضرورة قيام الحكومة بتبسيط الإجراءات المتعلقة بمنح الإجازات الإستثمارية، وكذلك منح التأشيرة للمستثمر؛ وعدم تركه يعاني الأمرين، فهو يعاني من تأخر صدور إجازة الإستثمار لمشروعه المزمع إقامته، بسبب كثرة الموافقات التي يتطلبها صدور هذه الإجازة، وهنا نجد ضرورة إقتصار منح الإجازة على الجهة المستفيدة، فمثلا لو كان مشروع لإقامة فندق سياحي، نقترح أن تقتصر الموافقات على وزارة الثقافة والسياحة والآثار كونها المعنية بهذا الأمر، وهكذا في بقية القطاعات، مع الأخذ بنظر الإعتبار ضرورة إلزام المستثمر بتشغيل ما لايقل عن 60% من العاملين في المشروع من العمالة العراقية، وكذلك تأهيلهم وإدخالهم دورات تتعلق بعملهم، وبهذا نكون قد ساهمنا بتقليل نسبة البطالة وتحريك الإقتصاد العراقي من دون أن تدفع الحكومة دينار واحد من ميزانية الدولة.
https://telegram.me/buratha