ضياء المحسن
في حديث للرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((إجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))
الذي يهمنا من حديث الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم) هو قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، نبهت الكثير من الآيات القرآنية الى عدم وجوب قتل النفس المحترمة إلا إذا كان هناك مبرر قوي لذاك الفعل؛ أضف الى ذلك أن العقوبة تكون من جنس الجريمة المعاقب عليها، فلا يجوز أن تتم معاقبة شخص أخر بجريرة إرتكبها غيره
نأتي الى معنى كلمة الحق، فما الذي يعنيه صاحب الرسالة بهذه الكلمة؟ وهو الذي يصفه القرآن الكريم "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" النجم : 3-4، نستشف من هذا أن المقصود به هو أن يكون فعل من إستحق عقوبة القتل كان قد قام بفعل يستوجب هذه العقوبة السالبة للحياة وليست مثل عقوبة السجن التي هي سالبة للحرية
ليس كل الأفعال والتصرفات التي تصدر عن الإنسان تستوجب القتل أو حتى التعزير، فهناك فعل يمكن بالنصيحة أن يتداركه من فعله، لأنه قد يكون فعل تلك الفعلة عن حُسن نية أو بغير نية التسبب بأذية للأخر " مهما كانت توجهاته الفكرية"
الذي نلاحظه أن البعض ممن يدعون التصدي للدعوة الإسلامية بوصفهم دعاة " خاصة السلفيين منهم" يكفرون أي شخص لا يلتزم نهجهم الفكري، وتصرفاتهم التي يدعون أنها تعبر عن إلتصاقهم بالسلف الصالح من الأمة. لكن هل تصرفات السلف الصالح تمنع الإنسان من التمتع بما مَنَّ الله عليه من نِعَمْ، والله في محكم كتابه يقول " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" الضحى11، فهل يستقيم أن يعثو الرجل لحيته ويطلقها بدون أن يعتني بها ويلبس لباس لباس قصير مع ما يقول الله سبحانه وتعالى
مسألة تكفير المسلم للمسلم غير جائزة شرعا، ولا أدري من أتى البعض بها، فالقرآن يخاطب الرسول الأكرم في سورة الكافرون " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" 6، وهو هنا يخاطب الكافرين من قريش الذين لم يدخلوا الإسلام، فكيف يأتي الأن وبعد أربعة عشر قرنا من تاريخ الرسالة المحمدية السمحاء أشخاص مثل " العريفي والقرضاوي" ويكفروا مسلمينن ذنبهم الوحيد أنهم يختلفون معهم في المذهب، ثم من قال أن مذهبكم هو أحسن المذاهب الإسلامية؟!
يعد الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، سادس الأئمة في المذهب الجعفري؛ ويعتبره أهل السنة والجماعة أساسٌ لكل طوائف المسلمين دون القول بإمامته، يقول عنه الإمام أبو حنيفة النعمان حينما سُئل عنه " من أفقه من رأيت؟" فأجاب قائلاً: "جعفر بن محمد، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد، فهيّء له مسائلك الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليَّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور، فسلمت عليه فأومأ إليّ فجلست، ثم التفتّ إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة، فقال: نعم أعرفه. ثم التفتّ إليَّ فقال: ألقِ على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه ويجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخلّ منها بشيء!" ثم قال أبو حنيفة: "أليس قد روينا: أعلم الناس، أعلمهم باختلاف الناس؟!" أما أشهر طلابه الكيميائي العربي جابر بن حيان و الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام أنس بن مالك؛ الذي نقل عنه جملة من الأحاديث
فإذا كان إثنان من علماء أهل السنة والجماعة أخذوا من علم مؤسس المذهب الجعفري، وهو في نظرهم كافر يستحق القتل " الذي حرمه الله إلا بالحق" أليس هذا ينطبق على أبناء الحنفية والمالكية "إلا أن يتبرءا من مذهبيهما" وينخرطا من جديد في "دين الله الجديد" دين العريفي والقرضاوي
https://telegram.me/buratha