عمار الجادر
المجتمع عبارة عن ثقافات متبادلة، منها المنقول ومنها المعمول، والمنقول اشد فتكا بثقافة المجتمعات المغايرة، وهذا ما يقال له غزو ثقافي، اي انك تجد ثقافة امريكا مثلا في مجتمع قبلي كالسعودية.
لطالما كتبنا عن الحرب الاعلامية الناعمة، حيث كانت ادوات هذه الحرب ضعيفة، لضعف الايصال والنقل، وكان من الصعب تطبيق ثقافة مغايرة لمجتمع، لعدم وجود التواصل السهل بين المجتمعات، وحصانة كل مجتمع بثقافته المنقولة خلال المجالس، والمجالسة والالتزام بها تعد حصن امام التطبع بثقافة مغايرة، فمجالس الاسر تحصن افرادها من دخول ثقافة غريبة عن تلك الاسرة، وهكذا صعودا نحو دوائر اوسع.
حتى النشر والكتب الاعلامية، كانت محدودة بأخلاقيات الكتابة والإعلام، ومن يتناولها يتناول المفيد الذي يساير ثقافة مجتمعه.
اما اليوم نحن في انحلال مجتمعي ثقافي واضح، حيث اصبحت الرصاصة تقتل جسد، اما الاعلام والكلام فيقتل مجتمعات كاملة، ويجعلها حياة بجسد دون روح، والخطر اصبح كبير لدرجة ان اصغر وحدة في المجتمع، وهي الاسرة قد اخترقت ثقافيا، واصبح العالم الافتراضي كالفيس بوك وغيره من مواقع التقاطع الاجتماعي عوضا عن المجالس الاسرية، والثقافة الاسرية المغلقة، وبالتالي فالسم بدل ان يكون بقدح صغير، اصبح في فكر اغلب المجتمعات من الصغير حتى الكبير.
ان صفحات العالم الافتراضي، ملئت بالاقلام المأجورة، والمفخخات الكلامية التي دخلت في جميع الاسر دون استذان، حقيقة مليئة بالسموم التي تقتل روح الانسان، كما ان صفة الاعلامي اصبحت تطلق على كل من هب ودب، وقد تجد منشور خاوي من الاخلاقيات الاعلامية، يتابعه مئات الالاف غير انه منطلق من جاهل لم يتمكن من مكافحة جهله، فاخذ ينتقد كل ايجابية وتحويلها لسلبية، وهذا زمن الرويبضة حينما ينطق.
ان تلك السموم التي تبث في مجتمعاتنا، بل في داخل اسرنا، هدفها هو النيل من اصالة الثقافة التي نملكها، وللأسف فان الاقبال عليها كبير جدا، فعندما تشاهد برنامج كالبشير شو مثلا، وتجد الاف المعلقين عليه بالسلب والايجاب، ستشعر بالتشاؤم من ان جيلا جاهلا قد ولد فينا، وهذا بالضبط ما يروم له العدو الاعلامي، فبالتحديث الاخير سوف تشاهد ان اغلب الصفحات المشهورة، تدار في الاردن وتركيا بينما ان عنوانها يخص الشعب العراقي، ومن هنا نجد خطورة ادارة الرأي العام من قبل اناس هم اصلا ليسوا من بلدك!
الإعلام المسموم اصبح خطر جدا على مجتمعاتنا، وعلى اصحاب المسؤولية ان يلتفتوا الى ذلك، واصحاب الكتيبة القلمية، فهم المسؤول الاول في نشر الثقافة الاصيلة، وكلامهم ترياق لتلك السموم.
https://telegram.me/buratha