ضياء المحسن
قد لا نجانب الحقيقة إذا ما قلنا أن العرب في الجاهلية عرفوا الإعلام، عندما كان الشعراء يتغنون بالقبائل التي ينتمون إليها، لذا فهو ظاهرة إجتماعية قديمة نشأت وتطورت مع التطور البشري، لتتناغم مع إحتياجات المجتمع بما أدى في نهاية الأمر وجود وسائل تستجيب لتلك الحاجات، وتتمكن من تحقيق التواصل فيما بين المجتمعات.
تعني كلمة الإعلام في اللغة بأنها ((الطريقة التي يتم من خلالها نشر معلومات، بهدف الإطلاع عليها من قبل بقية المجتمعات، لمعرفة حقائق او مواقف الآخرين)).
إن وسائل الإعلام المختلفة تلعب دورا مهما في تحشيد الأفراد الى جهة ضد أخرى، حسب توجه هذه الوسيلة الإعلامية، ومع هذا الكم الكبير من الفضائيات والصحف الورقية، نجد المواطن يحتار فيمن يصدق او يكذب من الأخبار، خاصة مع وجود أشخاص يعتاشون على الفتنة وخراب الأرض ونشر ثقافة الحرب بين الشعوب؛ وحتى بين أفراد البلد الواحد، وهو الأمر الذي حصل ويحصل في العراق اليوم، عندما نرى كثير من الفضائيات والصحف الورقية والألكترونية، تحرض على العنف الطائفي والقومي.
لقد شهدت مواقع التواصل الإجتماعي والفضائيات تحولات كبيرة في مجال وصول المعلومة الى المتلقي، الأمر الذي أدى الى كسر الإحتكار السياسي، ونتج عن ذلك ظهور قنوات غير القناة الرسمية التي غعتاد عليها المشاهد، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالراديو، لكن المشكلة التي ظلت مترسخة هي محاولة بعض تلك القنوات والراديوات تأجيج الفتنة من خلال خطاب، وقد شهدنا بعد سقوط نظام صدام ظهور فضائيات تحرض على العنف الطائفي والتقل على الهوية، بما يجعل مهمة فضح تلك الفضائيات وخطابها مهمة الإعلام الجاد.
من المؤكد ان الخطاب المضاد لهكذا فضائيات يحتاج ليس الى عصف فكري من قبل الأقلام الخيرة فقط، بل يحتاج الى تمويل مرادف لما يقوم به أصحاب الأقلام الخيرة، فالمعلوم أن الفضائيات التي تنتهج خطاب تحريضي لديها ميزانيات ضخمة وتمويل من دول تحاول تغيير طبيعة النظام الجديد، وضعف التمويل لمن يتصدى لهذه الهجمة سوف يجعلها ضعيفة أمام هذه الفضائيات والصحف.
إن دور الإعلام الملتزم رئيسي في حياة المجتمع، كونه يمارس وظائف على قدر كبير من الأهمية، من غير ان تؤثر فيه الصراعات السياسية، كما أن يقوم بمراقبة عمل الحكومة وتشخيص الأخطاء فيها، وبالتالي فهو وسيلة لتشكيل الرأي العام وتوجيهه الوجهة الصحيحة، وليس كما تفعل بعض الفضائيات هذه الأيام، إن المصداقية والشفافية في عمل الإعلام تعد أداة بناء مهمة ومحورية، من دونها يصبح عمل الإعلام سلبيا؛ بل أنه قد يمارس دورا تخريبيا سواء بقصد أو بدون قصد.
ولأن وسائل الإعلام المختلفة (الورقية والألكترونية والفضائيات) تمثل أداة من أدوات تشكيل الرأي العام، كما أنه يعد شريك أساسي في مسيرة التنمية، فمن الواجب أن يقوم بتحفيز المجتمع وتشجيع الأفراد على مضاعفة العمل والإنتاج، والحث على ان يبدع الأفراد في إبتكار كل ما هو من شأنه ان يؤدي الى رفع اسم البلد عاليا، ووضع أمن البلاد نصب أعينهم.
https://telegram.me/buratha