ضياء المحسن
يمتلك العراق من الإمكانات المادية والبشرية الكثير، يستطيع توظيفها في تحريك عجلة الإقتصاد العراقي، والإستغناء عن كثير من الإستيرادات من خارج العراق؛ حتى أن بعض المنتجات العراقية قد تكون أفضل من المواد المشابهة لها والمستوردة، لخضوع الإنتاج المحلي الى التقييس والسيطرة النوعية، الذي لا نراه حاضرا في كثير من المنتجات المستوردة.
تعزيز مبدأ صُنع في العراق لا يحتاج الى أمنيات، بقدر ما يحتاج الى همة من قبل الوزارات المعنية بهذا الأمر، وتحديدا وزارة الصناعة والتخطيط، بالتعاون مع الغرفة التجارية في بغداد والمحافظات، وكذلك المصارف الحكومية والخاصة فيما يتعلق بتمويل هذه المشاريع، هذا كله يأتي من خلال عمل جردة سريعة للمعامل والمصانع المتوقفة أو تلك التي بحاجة الى تأهيل مكائنها والجدوى الإقتصادية ما بين تأهيلها أو عرضها أمام المستثمرين أيهما أفضل.
يأتي بعد ذلك التركيز على الأهم فيما يحتاجه السوق العراقي والمنافسة بين المنتوج المحلي والمستورد، وهنا يجب ملاحظة مسالة ضرورية تطرق إليها البرنامج الحكومي وهي الطاقة، حيث أنها تمثل كلف إضافية يتحملها المنتوج النهائي، لذلك على الحكومة العمل بسرعة لتأمين الطاقة باسعار زهيدة للقطاع الصناعي كما وعدت في برنامجها الحكومي لتقليل الكلف لأغراض المنافسة السعرية، وفي هذه الحالة سنلاحظ المنتوج العراقي يغزو السوق وينحسر المنتوج الأجنبي.
تحدث البرنامج الحكومي عن تعظيم الموارد، وهو مسألة مهمة كونها تمثل تنويع لموارد الخزينة التي تعتمد الأن على تصدير النفط بنسبة تتجاوز ال 90%، هناك قطاعات حقيقية متوقفة عن العمل لأسباب يطول شرحها، تتعلق بتغلغل الفساد الى مفاصل حكومية مهمة، هناك أبواب كثيرة غير مفعلة من قبل الحكومات السابقة، بالإمكان تعظيم موارد الخزينة من خلالها؛ فيما لو كانت هناك نية صادقة للعمل من أجل المصلحة العامة، من هذه الموارد قطاع الصناعات التحويلية والذي يرتبط بالقطاع الزراعي، فكثير من المعامل والمصانع المتوقفة تعتمد في إنتاجها على الفائض من المحاصيل الزراعية المنتجة، مثال ذلك مصانع التعليب وغيرها، كما أن قطاع الصناعات التحويلية المرتبط بالصناعة النفطية مهم جدا، فمن خلال نستطيع الإستغناء عن كثير من الإستيرادات خاصة البلاستيكية والتي تدخل في صناعتها مواد ينتجها معمل البتروكيمياويات.
تحدثنا في البداية عن ضرورة تعاون المصارف الحكومية والخاصة فيما يتعلق بمنح القروض لأصحاب المشاريع الصناعية المتوقفة، لكن هذا الأمر يحتاج الى تطوير النظام المصرفي والذي تحول الأن عن وظيفته الأساسية وهي الإقراض والتمويل من أجل تطوير العملية التنموية في البلد، كونها تمتلك رؤوس الأموال التي يمكن من خلال منحها للمستثمرين أن تعمل على النهوض ببقية القطاعات الإقتصادية المهمة، ناهيك عن انها تعمل على الإرتقاء بالقطاع المصرفي وزيادة ثقة الجمهور بهذا القطاع، فيما لو تحول من مجرد قطاع يتعامل ببيع وشراء العملة الأجنبية التي يقوم بشرائها من البنك المركزي.
كل الذي تحدثنا عنه سيكون لو تم وضعه موضع التطبيق عاملا منشطا للإقتصاد العراقي، ومحركا رئيسيا للقطاعات الإقتصادية التي تعمل على تعظيم موارد الخزينة بأموال إضافية، تستطيع الدولة توظيفها في مشاريع التنمية المستدامة.
https://telegram.me/buratha