ضياء المحسن
الفترة التي تلت سقوط نظام صدامات بالإمكان أن نقول عنها ذهبية، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، حيث قام نادي باريس بإعفاء العراق بما يزيد عن 80% من الديون المترتبة على نظام صدام، ناهيك عن رفع الحصار عن مليارات أخرى كانت محجوزة لدى بنوك اجنبية، ولا نغفل المساعدات المالية الكبيرة التي حصل عليها العراق في تلك الفترة.
بعد ذلك حصلت طفرة كبيرة في القطاع النفطي، عندما وصل انتاج النفط العراقي إلى مستويات قياسية، ومع ارتفاع أسعار الذهب الاسود في الأسواق العالمية، أخذت تصب في خزينة الدولة العراقية مليارات الدولارات.
ما يعاب على الدولة العراقية بعد عام 2003 غياب التخطيط الإستراتيجي في كيفية بناء البنى التحتية، وعدم إعطاء الأولوية للمشاريع الاستراتيجية، يكفي أن نعرف كيف تتخبط الدولة العراقية في هذا الجانب، عندما نجد أن مشروع استثماري قيمته ثلاثة مليارات ينفق علبه مصاريف تشغيلية (رواتب وبقية المخصصات الأخرى ) ستة مليارات دولار، وهكذا ضاعت مليارات دون جدوى، والسبب هو البطالة المقنعة التي يعاني منها الهيكل الوظيفي للمؤسسات الحكومية.
عدم الإنتباه إلى هذا الموضوع واستغلاله من قبل الأحزاب والكتل السياسية لأغراض انتخابية، لتعيين الجمهور الذي يمنحها صوته في المؤسسات ساهم في ضياع تلك المليارات، كما أن الفساد المستشري كان له دور كبير في تبديد عشرات المليارات، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مجموع ما تم انفاقه من أموال على المحافظات الجنوبية ومحافظات الفرات الأوسط (تسع محافظات) بلغ أكثر من 410 مليار دولار!! طيلة الفترة التي تلت سقوط نظام البعث، بمعدل 45 مليار دولار لكل محافظة، لو كانت بأيدي أمينة ومهنية لوجدنا حال هذه المحافظات أفضل من أي مدينة في اليابان والولايات المتحدة مجتمعة، لكن وبسبب عدم وجود التخطيط الإستراتيجي الصحيح وفساد الكتل السياسية المتصدية للسلطة، جعل هذه المليارات تذهب إلى جيوب الفاسدين والمنتفعين، ما ساهم في تذمر المواطن العراقي نتيجة تردي الخدمات.
العام الأخير من عمر مجلس النواب كان مضطرب بسبب الانتخابات، ولأن كثير منهم لا ينظر إلى المصلحة العامة، ضاعت على البلد فرصة الإستفادة من ارتفاع أسعار النفط، حيث نجد أن الموازنة أقرت سعر برميل النفط بعد دولار، في وقت يبيع العراق نفسه بعد دولار وبعض السنتات، ما يعني فائض يزيد على 23 دولار لكل برميل، وبحسبة بسيطة نجد أن الفائض لأشهر الستة الأولى الأولى العام الحالي يزيد على عشرين مليار دولار، كان بإمكان الحكومة إرسال موازنة تكميلية لمجلس النواب لإقرار عدد من المشاريع الإستثمارية المتوقفة بسبب نقص الموارد المالية.
وبسبب المناكفات تعطل تمديد عمر مجلس النواب لفترة يتمكن فيها من إقرار الموازنة التكميلية، الأمر الذي وضع الحكومة في حرج في كيفية التصرف بهذه المبالغ، والتي ستشوبها شبهة فساد كبيرة لعدم إقرار الموازنة التكميلية.
السؤال هنا هل يستطيع رئيس الحكومة التصرف بهذه الاموال؟
لا يختلف إثنان على عدم وجود صلاحية لرئيس مجلس الوزراء التصرف بهذه الأموال لعدم إقرار الموازنة التكميلية، والأموال المرصودة في الموازنة العامة لا تكفي للمشاريع التي أطلقها نتيجة ضغط الشارع الغاضب ضد تردي الخدمات في عموم المحافظات، ويبدو أن السيد العبادي حريص كل الحرص على إستخدام هذه المليارات كما فعلها سلفه السيد المالكي عندما تصرف بموازنة 2014 والصدفة العجيبة أن يكون هو عام انتخابات ايضا!!!
https://telegram.me/buratha