عمار الجادر
في بادى الامر، اود ان انوه ان سني ليس المذهب، بل سني هو الضرس، ولو ان هناك تشابه بين الاثنين، لكني اقصد المعنى الثاني.
لقد بدأ السوس ينخر ضرسي، طبعا لاني تقدمت بالعمر قليلا، والتدخين اخذ مأخذه في اسناني، ولم اتبع نصيحة امي في غسل الاسنان، لاني اتعقد من الروتين وان كان لمصلحتي!
ذهبت الى طبيب الاسنان بعد وجع ليلة كاملة، فقام الطبيب بحفر السن، واخراج السوس منه، ووضع لي حشوة مؤقتة، على ان اراجعه بعد اسبوع لغرض الجلسة الثانية، وطبعا لانشغالي وعدم المبالاة لغياب الألم، لم اراجع الطبيب حتى سقطت الحشوة المؤقتة، ولعدم توفر الوقت الكافي ذهبت للصيدلية، فاعطاني الصيدلي مسكن، ذهب الالم عني، وكلما احسن ان الالم عاد الي، اذهب لاجلب نفس المسكن، حتى شاهدني صديقي الدكتور الصيدلاني، فقال: ماذا تفعل انت؟! هذه الحبوب مسكنة فقط وليست علاج، طبعا تضجورت من نصحه، وهو على حق، حتى تدهور وضعي ورجعت له، وهو لم يقصر بأبداء المساعدة لي.
اليوم اشاهد المظاهرات، في محافظات الجنوب خاصة، تلك المحافظات تستحق ان نقول عنها هي العراق بأكمله، لان منها ثروة البلد، ومنها الدماء التي حفظت كرامة البلد، فمن المؤسف حقا، ان نرى تلك الشيبة التي ضحت بعنفوان حياتها، تقف تحت الشمس اللاهبة، لتطالب ذلك الاخرق الذي يجلس على القمة تحت التبريد بابسط حقوقها، فلولا تلك الشيبة وابنه الشهيد، ماكنت انت ايها الاخرق تجلس بمكان ليس لك.
لكن هل هذه المظاهرات تشبه هياجي عندما يؤلمني سني؟! وهل هي هياج لاجل الحل أم المسكن؟! فاذا كانت لأجل الحل، ألم يبين لكم الطبيب العلاج الامثل؟! هل ذنب الطبيب ان يشتم ويسب وهو لا ناقة له فيها ولا جمل الا واجبه بالنصح والارشاد؟! اسنانكم يا سادة نخرت لانكم انتم من عبث بها، ولم يذهب الالم منها لانكم راجعتم عطار وليس صيدلاني، يعطيكم المسكن ويكسب هو المكاسب، وبالتالي ستمرضون.
هناك تشابه كبير، بين ما تفعلوه اليوم، وما فعلته مع صديقي الصيدلاني الشريف، لكني اعترفت بخطأي له وعالجت نفسي قبل وقوع الكارثة، ولا نرى منكم مصداقية السعي لأجل العلاج، الفرق الوحيد ان سوس سني المني لوحدي، اما السوس الذي اتيتم به الى الحكم قد نخر مقدرات بلد، فلا انتم تقرون بخطأكم، ولا حتى تعذرون الطبيب الذي طالما ما نصحكم، حتى بح صوته، وانتم كما انتم لا تتهيجون الا عند الوجع الكبير!
لكي نكون في جدية من امرنا، علينا ان نكون ثورة لانفسنا، لا لأجل هذا او ذاك، فليس هناك شخص احرص علينا من الطبيب الناصح، اما من يحول ثورتكم هذه الى شتم الطبيب، فهو حتما احد العطارين الذين يعطوكم المسكن ليبرزوا انهم الاحرص عليكم، واعتقد انكم جربتم الخيمة الخضراء والزرقاء، وعطارية ابو اسراء، وعلمانية الاغبياء، وجميعها كانت تجارب حمراء، اهلكت اجسامكم، ولا زالت تلك العجوز تبكي لفقد ولدها دون ان يأتيها بالماء.
ان صرختكم هذه هي صرخة الشرفاء، صرخة الرجال الذين هبوا ليعيدوا المسبية من ايدي المغتصبين، فلا تجعلوها تقف دون العلاج وان كان بالالم والدم، وارجعوا الى نصح الطبيب فهو لكم خير ناصح.
https://telegram.me/buratha