التاليف صنعة لها خصائصها التي تميز من يمتهنها باسلوبه وخبرته في ترتيب معلوماته واختيار نوعها ، وسابقا كانت صنعة التاليف افضل بكثير من الوقت الحاضر لانها كانت تعتمد على الكلمة التي يخطها المؤلف بانامله لهذا تكون السرقة صعبة بعض الشيء بل معدومة نهائيا ( حاول معاوية سرقة وثيقة للامام علي عليه السلام وتنسيبها لنفسه ففشل )، اما اليوم وبفضل الشبكات العنكبوتية فان التاليف الالكتروني اصبح لا يكلف صاحبه عناء التفكير والتمحيص والدقة في الكتابة ، مجرد الدخول على اي مكتبة الكترونية يستطيع ان يؤلف كتاب ، بل حتى السرقة متاحة ويمكن اخفاء اي اثر يكشف الجريمة وبسهولة.
الأعلام الذين تكون لهم مكانة في المجتمع ليس بالضرورة ان تكون لهم مؤلفات بل مواقف تجعلهم الابرز بين اقرانهم وينالوا الشهرة بسببها هنالك الكثير من الاطباء مشهورين ابدعوا في الطبابة ليست لديهم تاليفات ، وهنالك كثير من عباقرة السياسة او الهندسة او الصناعة ليست لديهم مؤلفات وكذلك الفقيه الذي يبدع في استنباط الاحكام الشرعية ليس بالضرورة ان يكون مؤلفا، فليس الشهرة ملزمة بالتاليف ، وليست من شروط الفقهاء .
وبالرغم من ذلك فالكتاب الذي يفكر المؤلف بتاليفه اما ان يكون مجموعة معلومات جمعها من مصادرها او اراؤه وافكاره او تحليله لظاهرة معينة ، وهذا الكتاب قد يكون له قراء وقد لا يكون ولكن بالنتيجة يسمى من كتبها مؤلف ، فالكتاب قد يقراه شريحة معينة وقد يقراه شخص واحد والامر الاخر هل من شروط الكتاب ان يطبع وتتكفل دار نشر بتوزيعه ويكون متوفر في المكتبات ؟ لا اعتقد ذلك ، لانه المؤلفين ايام الدولة الاسلامية كانوا يخطون نسخة واحدة وهم اليوم يقال عنهم مؤلفين .
للسيد السيستاني مجموعة اوراق كلماتها من تاليفه ، البعض منها مخطوطة يستفاد منها طلبة الحوزة العلمية والبعض منها اصبحت تقريرات لعلماء اعلام وهذا الرابط يوضح ذلك https://www.sistani.org/arabic/book/
ولكن هنالك امر اخر وهو مهم جدا ، هنالك كتب صدرت تخص المرجعية البعض منها كتب عليها تاليف فلان والبعض منها كتب عليها اعداد فلان ، ولكن مضمون هذه الكتب هي كلمات ومعلومات وعبارات السيد السيستاني دام ظله الوارف ، فعندما نقول كتاب عنوانه البيانات الصادرة عن المرجعية ، هي بالاحرى معلومات كتبها السيد السيستاني ، وخادمكم كاتب المقال عندما يصدر لنا كتاب ( انتبه الى صلاتك) او (استفتاءات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة) ، او (الخطاب السياسي للمرجعية) من خلال خطبة الجمعة الثانية في الصحن الحسيني الشريف ، او (نصائح المرجعية للمقاتلين والاطباء والشباب) ، هذه كلها وبتعبير دقيق هي من تأليف السيد السيستاني ونحن قمنا بجمعها بهذه الصورة .
هذا ناهيكم عن الكتب الافتائية التي لا تاتي الفتوى فيها الا بعد دراسة مستلزماتها وموضوعها وما يتعلق بها من نصوص واخضاعها للقواعد الفقهية والاصولية حتى تصدر عنه ، فهذه الفتوى هي من تاليفه ، اما ان ياتينا من يريد ان تكون للسيد السيستاني مؤلفات خاصة وفق مزاجه فهذا لا يؤخذ به لانه ليس من المنطق ان تحكم على الأعلام التأليف وفق منهجية معينة ، فليس من شروط المرجعية تاليف الكتب ، ومن خاض هذا المضمار من المراجع فانهم خاضوا بارادتهم وليسوا مرغمين وجزاهم المولى خير الجزاء .
https://telegram.me/buratha