عودتنا السياسة الأمريكية على تسمين العجول الخليجية وتضخيمها ورعايتها لتكون قطيعا من الخونة المتخاذلين الذين كانوا أشد خطرا وأكبر أثرا على العرب والمسلمين في زرع الفتن وبث روح التخاذل والأنهزام حتى بفضلهم استطاعت إسرائيل أن تحول بوصلة الصراع بإتجاه إيران .
وكان الرؤساء الأمريكيون على مر السنين يحافظون على هذا النهج الذي جعل من مشكلة أعراب الخليج اكثر استعصاءا من مرض السرطان حتى أن هؤلاء الأعراب بدؤا يصدقون أنهم أصبحوا شيئا بعد لا شيء وذكرا بعد نسيان واعتقدوا أنهم أصبحوا لاعبين رئيسيين في المنطقة والعالم وهذا كله بفضل رؤساء الولايات المتحدة ومن قبلها ساسة بريطانيا العظمى آن ذاك .
أما فخامة الرئيس ترامب فإنني أعتقد عكس ما يعتقده الآخرون من أنه أصبح حليفا قويا للخليج ومنفذا لرغباتهم وداعما لأحقادهم ولا أقول داعما لسياستهم فهم أبعد ما يكونون عن السياسة وعلومها وفنونها وأعتبر أنه قد شذ عن قاعدة أسلافه وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي سينهي وجود تلك الدويلات والبؤر الفاسدة من خريطة العالم .
إن فخامة الرئيس ترامب قد رأى أن تلك العجول وصلت الى درجة من السمنة أصبح من الواجب نحرها والأستفادة من لحومها في مطابخ السياسة الأمريكية وخطوته في زيارة حقل ال سعود وجمع قطعان العجول المسمنة أمريكيا من كل مكان في حضيرة واحدة في الرياض لا يشير الا الى هذه الحقيقة ولكي تتضح الصورة لا بد لي من شرح بعض الأمور .
1ـ كان فخامة الرئيس ترامب صريحا منذ أيام حملته الأنتخابية في أن على دول الخليج أن تقدم أموالها لأمريكا مقابل الحماية لها والحماية هنا لا يعني حفظ الكرامة والوجود وأنما يعني حماية الراعي للقطيع حتى يحين وقت النحر أو البيع في المزاد , وأنه غير مقتنع بما كان الرؤساء السابقون يحتلبونه من ضرع بقرات الخليج وهو طامع في لحومها أكثر من حليبها .
2ـ زجه لدويلات الخليج في مواجهة مع ايران وحلفاءها حتى وإن لم تحصل تلك المواجهة فإن ذلك يؤدي الى أمرين مهمين جدا .
الأمر الأول : استنزاف لحوم بقرات الخليج لصالح أمريكا الى درجة الهزال وحتى أن الكلاب السائبة لا يكون لها مطمع فيها فلن يبقى منها الا جلدها وعظمها ونفس يتحرك في رئتيها .
الأمر الثاني : عند وصولها الى هذه الدرجة من الهزال ستتخلى عنها أمريكا فلا طمع لها في الجلد ولا في العظام وتتركها فريسة لمن آذتهم وحاربتهم ويقضى عليها بنفخة واحدة لتطوى أكبر صفحة سوداء من الخزي والعار والذل عبر التاريخ .
3ـ ان سياسة ترامب تبدو في ظاهرها تقوية لأعراب البادية ودويلاتهم ولكنها في الحقيقة سوق الى الهاوية تؤدي الى اختفاء هذه الدويلات من خارطة السياسة إن لم تختفي من خارطة الجغرافيا وذلك يعني إنهيار السد المنيع الذي كان يحمي اسرائيل على مدى سبعين عاما من خلال تمزيق الأمة وتفتيتها والخيانة لها ومحاربة كل دولة تحمل نفسا وطنيا وروحا مقاومة للظلم والأستبداد بالنيابة عن اسرائيل .
4ـ ان فخامة الرئيس ترامب يعي جيدا أن دويلات الخليج وحلفاءها من الأذلاء لم يتمكنوا من مواجهة الحوثيين في اليمن وغرقوا في المستنقع اليمني ولا يعرفون كيف يكون الخروج منه فكيف لهم بمواجهة ايران وحلفاءها في المنطقة ولذلك فهو على دراية كاملة بما يفعل وأنه قرر نحر تلك البقرات وما يقوم به مما يسمى بدعم ومساندة ليس إلا وجبة طعام وشربة ماء تسبق الذبح .
5ـ على كل دول المنطقة وخصوصا العراق وايران وسوريا ولبنان واليمن أن تستعد من الآن لمرحلة ما بعد الخليج لأن وجه المنطقة سيتغير وإلى الأبد وتتراجع أمريكا من المنطقة لأنها تكون قد أخذت غنيمتها التي أرادت ولم يعد هناك مايستحق البقاء .
6ـ يعلم فخامة الرئيس ترامب أن دويلات الخليج ومن يتبعها قد وصلت الى حافة الأنهيار وسيذهب حليبها ولحمها سدى لذا فمن الضروري أن يزرع في نفسها الثقة ويصور لها أنها سأئرة نحو النهوض من ركام الهزائم لتتقدم الى حتفها بإرادتها ولتجعل من نفسها طبقا جاهزا على المائدة الأمريكية .
إن كل مايقوم به فخامة الرئيس ترامب يصب في مصلحة العرب ويخدم قضية الفلسطينية خدمة جليلة لم يقدمها لها أحد من قبل فمصلحة أمريكا في نحر تلك البقرات تلاقت مع مصلحة الفلسطينيين والعرب والمسلمين فالسياسة الأمريكية يحكمها المصلحة والمال .
وأنا لا أدعي أنه جاء لنصرة العدالة وتخليص العالم من رائحة الأعراب التي أزكمت لأنوف لفترة طويلة ولكنني على يقين أن الله عزوجل يستدرجه لما لم يكن في حساباته حيث يقول في الآية 182 من سورة الأعراف ( والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) . فألف تحية وألف سلام لفخامة الرئيس ترامب الذي جسد بكل معنى الكلمة تراث أجداده رعاة البقر وعرف كيف يسوق القطيع الى المقصلة .
https://telegram.me/buratha