نعم انها فتوى الامام السيستاني التي اوقفت هزيمة( اللعبة السياسية) في العراق وليس ما يسمى (بالعملية السياسية) الفاشلة التي تتأمر بها الكتل والاحزاب السياسية على الشعب وبعضها على بعض لتتقاسم بها سرقات قوت الشعب الجائع دون وازع ورادع ديني او وطني، ومن هذه الفوضى والفساد السياسي والاقتصادي واللعب بالمصطلحات الجوفاء استطاع اعداء العراق من احتلال الموصل وتكريت والرمادي وما يتبع لهذه المحافظات من مدن وقرى الا ما ندر، لذلك فان الاسباب كانت واضحة لهذه الهزيمة النكراء؛ وهي المحاصصة والمشاركة التي تبنتها الكتل والاحزاب التي جاءت بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام، فاستغلت انهيار المؤسسات الامنية وانتشار الفوضى للتحالف فيما بينها وبين الاجهزة العسكرية لتتقاسم الوزارات المهمة التي لها حصة الاسد من الخزينة العراقية، كوزارة الدفاع التي قام وزيرها السابق حازم الشعلان بسرقة سميت “بسرقة العصر”، وقد انهزم باموال الشعب المسروقة الى بريطانيا وكذلك وزراء الكهرباء امثال ايهم السامرائي وكريم وحيد وغيرهم من الوزراء الاخرين امثال فلاح السوداني وزير التجارة السابق ولا ينجو من هذه الادانة الا القلة النادرة من المسئولين. ان هؤلاء الذين سرقوا اموال الشعب العراقي انهزموا بمساعدة الاجهزة الحكومية والمخابرات الاجنبية الى امريكا واوربا ودول الخليج بمليارات الدولارات دون محاسبتهم ومطاردتهم وملاحقتهم من قبل منظمة الانتربول، وكأنما اجهزة الحكومة العراقية في بغداد لها حصة بتلك السرقات، والقائمة طويلة وعريضة باسماء هؤلاء اللصوص، وهذا يؤكد لنا انه لا يمكن ان نتوقع من هذه القيادات الفاسدة التي نعرفها معرفة شخصية وميدانية بعيدا عن الحدس والتخمين وما نسمع ونقرأ بل نعيش معها ونتحدث ونناقش معها اوضاع الشعب واكثريته الجائعة دون جدوى، وما هذه الوجوه التي تحكم العراق برئاساته الثلاثة الا مجموعة كلوبتوقراطية kleptocratic تسرق وتتقاسم اموال الشعب فيما بينها ولا يهمها سقوط المحافظات بادي داعش ومن صنعها.
ومن هنا جاءت فتوى السيد العلوي الامام السيستاني لتبعث العامل والوازع الروحي عند الناس ليقفوا صفا واحدا في محاربة اعداء العراق داخليا وخارجيا وايقاف حالة الانكسار التي عاشتها القوات المسلحة العراقية، واذا بعشرات الالاف من المواطنين المؤمنين يلبون نداء مرجعيتهم العليا الا انهم في حاجة الى التدريب والسلاح، وهنا لم تهدر القيادة الروحية والسياسية في الجمهورية الايرانية الاسلامية ساعة واحدة بعد فتوى الامام حتى جهزت وقدمت السلاح المتطور للقوات العراقية مصحوبة بتدريبات عسكرية ومعلومات لوجستيه من كفاءات عالية في قيادة الجمهورية الايرانية الاسلامية لابناء الحشد الشعبي والجهات العسكرية التي تطلب المساعدة.وقد اشار موقع ALMONITOR في ٢٤-٣-٢٠١٦ ان ايران اصبحت اكبر دولة للتصنيع العسكري في المنطقة وفي سنة ٢٠١٤ قامت بتزويد اكراد العراق بالاسلحة لمقاومة داعش وهي اليوم تصدر انواع الاسلحة للعراق وبعض دول المنطقة ومن بين هذه الاسلحة T-72s وهي من اهم الدبابات التي تدخل القتال وغيرها من الاليات الحربية كالمدافع والاسلحة الخفيفة.
لقد صدرت هذه الفتوى من امام يتصف بالحلم والورع والاعلمية التشريعية والاكاديمية والسياسية والاجتماعية التي تلبي الاوامر والنواهي التي شرعها الله سبحانه، وقد توغل وسبر الامام الزاهد المعارف الدينية والدنيوية باعتراف علماء المسلمين المعتدلين والاكادميين والسياسيين في العالم، انه الامام السيستاني الذي فرض على سلطات الاحتلال ان يكون النظام في العراق نظاما ديمقراطيا وبانتخابات مباشرة من الشعب حتى لو تشوبها بعض الاخطاء الا انه لابد منها فانها العلاج لترسيخ نظام الحكم في العراق بعدالة وانصاف لكل طبقاته الاجتماعية بعيدا عن التقسيمات الطائفية والعرقية حتى لو اخذ حيزا من الوقت ليس بالمدى القصير، ولقد واجه هذا القرار السيستاني مقاومة شرسة من قبل حكومات دول الاحتلال ودويلات الخليج القبلية البدوية لان النظم الديمقراطية هي بمثابة تهديد لوجود هذه الحكومات الغير شرعية سواء كانت حكومة ال سعود او من يخضع لها من تلك الحكومات الفاسدة المفسدة.
وحين قرر الامام العلوي السيستاني باصدار هذه الفتوى كان يعلم بردود فعل القوى المعادية الداخلية والخارجية، الا انه لايلومنه في الحق لومة لائم، وما بالك اذا اصبح التهديد مباشرا الى تهديم العتبات المقدسة مراقد ال بيت النبي محمد (ص) التي هي اثمن شيئ عند ابناء الاسلام، وبدونها لامقام ولا هيبة للعراق لانه مقام علي سيف الاسلام الذي دافع عنه وصوت الحق والعدالة وامام المتقين وباب مدينة علم ابن عمه رسول الله صلوات الله عليهما، وكذلك فان العراق مرقد لابي الشهداء الامام الحسين الذي تتقاطر الملايين لزيارة مقامه تفوق اعداد حجاج بيت الله الحرام مرات، وكذلك وجود مقامات بعض الامة المعصومين وغيرهم من المسلمين والديانات الاخرى التي هدمت مراقدها الداعشية الوهابية. ومن العوامل الاخرى التي دفعت الامام السيستاني لاصدار الفتوى هي وحدة العراق شعبا وارضا حيث ظهرت اصوات انفصالية، وقد سمعنا اصوات الانفصاليين المسعورة والتي تدفعها اجندات اجنبية وطائفية يقودها اسامة النجيفي الذي يسعى بقصارى جهوده لضم الموصل الى تركيا ومعه بقية الزمر العميلة التي فقدت الدين والوطنية -(حب الوطن من الايمان) فالخزي والعار لهؤلاء العملاء ومن سار خلفهم.
لقد اصبح الحشد الشعبي رمزا للبطولة بين ابناء الشعب العراقي وقد اشارت الى ذلك الصحف العالمية ومن بينها the Independent البريطانية اذ ذكرت في عددها بتاريخ ١٤-٦-٢٠١٦ تحت عنوان (داعش في العراق:آلاف من مقاتلي الحشد الشيعة يلتحقون بالمعركة الحاسمة لاعادة الفلوجة ولكنهم قليلي الخبرة والتدريب مما يهددهم بتقديم ضحايا كثيرة)، وقد اشارت الصحيفة الى” ان الجيش العراقي كان في حالة ضعف وانكسار وخاصة بعد سقوط الرمادي بادي الدواعش مما جعل الحكومة الشيعية مضطرة ومحتاجة للنصر على الدواعش فما كان لها الا الاستعانة بالحشد الشعبي الا ان محاربي الحشد الشعبي كانوا محاربين اشداء رغم قلة التدريب الذي سبب لهم فقدان الكثير من محاربيهم بسبب الالغام والتفجيرات الا انه كان لهم الدور الاكبر في تحرير صلاح الدين والانبار وحاليا في الفلوجة….” والمقالة تطول في الاشادة بالحشد الشعبي وتضحياته،وان صوت الحق في معترك الباطل ارفع الصوتين.
https://telegram.me/buratha