إن القيم والمبادئ متاريس النفس من صوارم التسافل والانحطاط ، فمن تدرَّع بها سلم ونجا ، ومن تركها ضلَّ وهوى ، فلا الدين بغيرهما يكتمل ، ولا عيون العلم دونهما تكتحل ، انه ناموس الكون ، وقانون الطبيعة ، وعليه بنيت منظومة الأخلاق ، بإرادة الخلاَّق ، ليكون الإنسان بعدها ملكا أو شيطان أو يبقى مجرد حيوان ، تقوده غرائزه وشهواته ، وتكتنف عقله شكوكه وشبهاته ، للحق متوهم ، وللعدل متهم ، ناكب عن الصراط المستقيم ، سالب في فكره وسقيم .
انه ليس سجعا أملأ به السطور ، بل هو واقع منظور ، نشهده كل حين ، على مدى السنين ، فمنذ أن قتل قابيل هابيل وصوت الباطل يرتفع ، ومفهوم الجريمة يتسع ، وأفراده تتعدد ، ومصاديقه تتجدد ، وليس آخرها ما وقع في البحرين ، على يد نظام آل خليفة الذين اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، وباعوا دينهم بدنيا غيرهم ، ورسموا بريشه الطائفية لوحة دموية يأبى - رغم لؤمه ودمويته - أن يرسمها شارون أو هتلر ، لأنها مثلت الجريمة النكراء ، والفعلة الشنعاء ، بكل ما للكلمة من معنى .
فبعد أن أقدم نظام آل خليفة على قتل وسجن الآلاف من المواطنين البحرينيين الاقحاح ، وبعد أن أسقط الجنسية عن المئات منهم ورحَّلهم ، مستقدما الآلاف من الهنود والبنكال وبعض العرب ليمنحهم الجنسية البحرينية لم ينبس العالم المتكالب على حواضن الإرهاب في الفلوجة وغيرها ببنت شفة ولم يرفع عقيرته مندداً بتلكم الجرائم الأمر الذي دعا مشيخة آل خليفة إلى التمادي أكثر فأكثر في استهداف الغالبية الشيعية حتى بلغ بهم الاستخفاف بحقوق الإنسان إلى اعتقال الشيخ علي سلمان ، وغلق مقار جمعية الوفاق الإسلامي ولما لم تكن ردود الفعل بالمستوى الذي يضع حداً لتك الانتهاكات ، وعلى قاعدة ( من أَمِنَ العقوبةَ ساء الأدب ) أبدى ملك القاعدة الأمريكية في البحرين كامن شرِّه ، فأضرم في الفتنة ناراً، ورفع لها مناراً، وأقدم على العظمى، وصرَّح بجحد النعمى. فكشف قناع الحشمة، وخرق حجاب الهيبة. وبارز سلطانه بالمحادَّة، وجاهره بالمضادَّة ، فركب رأسه، وأطاع وسواسه ، قد غرَّته نفسه، وكذبه أمله وحسُّه، ممتطياً ظهراً لا ينجو راكبه، ولا يفضي إلى نجح صاحبه ، حسب أن الغُنم في الكفران والكنود، وأن الثعالب تسطو في مرابض الأسود ، فسعى سعيه ، وناصب جهده ، مقررا سحب الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم ، معتقداً أنه قادر على ما أراد ، وأنَّ الأمور اليه ستنقاد ، وليت شعري هل تناسى هذا الملك الأخرق وأتباعه أن الجبال الشُّمّ، والأطواد الصُّم لا تمال بحصيات القاذف، ولا تحال بجمرات الحاذف ، ولا تزال بسيل جارف.
ان المساس بالمقدسات ، والتطاول على الرموز يعتبر خطاً احمر لا يمكن تجاوزه والتهاون فيه . كما إن السماح بمثل هذا التعدي السافر سيكون له انعكاس سلبي على التعايش السلمي بين أتباع المذاهب في البحرين بل والعالم مما قد يعرض السلم الأهلي للخطر و يؤجج مشاعر الكراهية ..
لذلك على سلطات البحرين أن ترعوي وتتراجع عن قرارها المخجل والمؤسف ، وان تستمع لصوت العقل قبل ان تندم ولات حين مندم . وعلى عقلاء العالم ودعاة الحرية أن يقفوا بحزم إزاء مايقوم به النظام البحريني ، ليثبتوا للعالم أنهم ينظرون الى الجميع بعين واحدة ويقفون معهم على مسافة واحدة .
https://telegram.me/buratha