قد يصعب على البعض منا تقبل ما يعانيه الآباء والأمهات من مشاكل في عملهم التربوي خصوصا وان تعقيدات الحياة اليومية قد تكون زادت من صعوبة هذه المهمة الكبيرة.
إلا انه عندما يطلع الإنسان على الأهداف التي تؤدي إليها العملية التربوية فان تلك الصعوبة ستهون كثيرا وربما يتحول البعض إلى دعاة إلى الاهتمام أكثر بهذه المهمة المقدسة.
وقد اشرنا سابقا إلى شيء مرتبط بالأهداف التربوية ألا وهو تحويل سلوكيات البعض من الأبناء من جانب مظلم وضار إلى جانب مشرق ونافع , يضاف إلى ذلك أن الحصول على الشخصية المتوازنة نفسيا وعقليا والمتصفة بالفضائل الإنسانية هو أهم نتائج العمل التربوي فلا يوجد إنسان يستطيع الحصول على شخصية بهذه المواصفات إلا من خلال برنامج عمل تربوي دؤوب ومستمر.
ويصعب القول إن هذا الهدف في متناول يد الآباء والأمهات لأنه ليس كذلك أبدا بل إن الوصول يعد من الأهداف التي تستحق التضحية بكل غال ونفيس ؛فان مهمة بناء الإنسان من أصعب الأعمال التي يكلف بها الإنسان المربي.
ومن الواضح أن البعد الأخروي لهذا الهدف سيسهل على الأب والأم تحمل مصاعب هذه المهمة لان النجاح بالنسبة إليهم يمثل غاية كبرى والتقصير في السعي نحوها يمثل ذنبا كبيرا في حق الأبناء والمجتمع.
ولابد أن يضع الأب والأم برنامجا خاصا بهما للوصول إلى تلك الأهداف؛وبما أن الإسلام قد وضع لنا أهدافا واضحة في جانب السلوك المقبول والمرفوض فمن الطبيعي أن تكون الخطة الموضوعة مستقاة من الثقافة الإسلامية في هذا الجانب.
وقد أصبح معلوما أن التخطيط للنجاح في أي عمل لابد أن يسبق الشروع في ذلك العمل ولهذا نجد أن الروايات قد أكدت على تفاصيل التعامل مع الطفل قبل مجيئه إلى الدنيا وبعد مجيئه إليها فكان الأسلوب الأول وقائيا واستباقيا لظهور الاستعدادات فيما كان الأسلوب الثاني علاجيا لما يستوجبه الواقع من مستجدات.
وأما الحرص على أهمية بذر القيم في نفوس الأبناء منذ الصغر فلان المهمة التربوية ستتعقد مع الأيام واغتنام فرصة خلو الذهن من الموانع يساهم في تسهيل تقبل الضوابط والقيود في وقت الحاجة الحقيقية.
وهدف التربية الأول هو الحصول على انضباط في السلوك عند الأبناء قبل تفشي تأثير العوامل السلبية وصيرورة الوصول إلى الأهداف أمرا مستحيلا.
ومن الصعب الحصول على إنسان مستقيم السلوك ما لم تكن عملية التربية قائمة على أساس خطة يضعها الأبوان بعيدا عن أنظار الجميع ويقومان بتنفيذها حرفيا ويؤديان دورهما على أساس أن تكون هناك حالة توازن بين عقل الإنسان وروحه وبدنه فلا يتم الانضباط الصحيح إلا بوجود توازن على مستوى هذه الأمور الثلاثة.
فالتربية تحرص على الانضباط الروحي كما تحرص على الانضباط البدني كما تحرص على الانضباط العقلي فيربى في الطفل جانبه الأول والثاني والثالث ولكن بشكل متوازن فان شخصية الإنسان تتأثر باختلال الجوانب الثلاث فمن كان انضباطه العقلي على حساب انضباطه الروحي فهو ليس بمستقيم وهكذا لو انضبط الجانب الروحي على حساب الجانب العقلي ...
فان الاتزان في ضبط هذه الجوانب هو من أهم أهداف التربية لان الاختلال بينهما يمثل فشلا في العمل التربوي وبالتالي مشكلة تربوية تحتاج إلى وقت للعلاج وهي اقرب إلى الاختلال النفسي منه إلى الاختلال التربوي.
إذن فمهمتنا التربوية هو الضبط المتوازن للسلوك وبدرجة متساوية لا يميل جانب على جانب آخر.
والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.
https://telegram.me/buratha