المقالات

الصوم في الصغر

1447 21:43:18 2016-05-06

كان احمد يحب أن يفعل ما يريده أبوه منه حتى وان كان ذلك متعب اله؛ لذلك كان يتخفى عندما يريد أن يخالف الأب خجلا من العتاب .

وخلال سنواته السابقة كان الأب حريصا على تعليمه كلما يحتاجه في وظيفته الشرعية؛ ولهذا حرص على تعليمه قبل الأوان، لكن احمد راغبا في أن يسال عن مخالفاته التي لم يعرف بها أحد.

وفي لحظة من اللحظات شعر بأهمية البوح بهذه الأمور ولوعن طريق غير مباشر، فاخذ يمهد لأبيه حتى يخبره بالحقيقة.

فقال لأبيه: إنني منذ مدة كنت ارغب أن اعرف حكم بعض المخالفات التي يقع فيها الإنسان أحيانا في صغره.

فانتبه الأب لكلام ابنه وهو يشعر بالقلق من أن يكون قد وقع منه مخالفات في أعماله وهو لايعلم بذلك، ومع شعوره بالقلق لكنه طالب الابن بإكمال حديثه.

رغب الابن أن يبتعد قليلا في الكلام؛ حتى يمهد بطريقة مقبولة لقبول كلامه من قبل الأب فقال:إنني منذ الصغر تعلمت منك يا أبي إن الله تعالى لايحاسب الإنسان الذي يقوده جهله إلى الخطأ لأنه غيرمتعمد ومعذورأليس كذلك؟

فرد الأب :نعم هذا كلام سليم لكن يوجد تفصيل في جهل الإنسان فليس كل جهل يعذر فيه الإنسان، كما أن الجهل ليس مانعا من تحمل مسؤولية العمل من ناحية الأثر في الخارج، وما ذكرته يتعلق بجانب التكليف.

فعاد الابن قائلاً : إنني اقصدهذا الكلام بالضبط وليس شيئاً آخر، لكن ماذا تعني بالمسؤولية في الخارج؟

قال الأب: إن عمل الإنسان الذي يتجاوز فيه الحد له جانب تكليفي وجانب وضعي، والجهل قد يكون عذرا للجانب الأول لكنه ليس عذرا للجانب الثاني.

عاد احمد مرة أخرىليسأل عن موقفه من تلك الحالات التي مر بها دون ان يشعر والده انه قد وقع في ذلك فعلا فقال: وهل يكون الانسان مسؤولا وهو جاهل في عمله ؟

فرد الاب: ان المسؤولية ليس لها معنى واحد وإنماتفسر بتفسيرين الأول ينفيه الجهل، وأما الثاني فلا ينفيه الجهل؛لأنهأثر خارجي، ولابد من وجود جهة مسؤولة عنه؛ ولهذا لا يعذر الانسان حتى وان كان صغيرا وهيالأعمال المتعلقة بالتجاوز على اموال الاخرين.

فقال أحمد: هذا يعني ان الانسان الذي يرتكب الخطأ مثلا في بعض الاحيان لا يكون معذورا عن تدارك الخلل الذي أحدثه، وان كان معذورا عن تحمل مسؤولية ذنب هذا العمل الأخرويولا يمكن قياس احد الامرين على الاخر.

قال الأب:كأنك تريد ان تعترف بقضية قمت بها في وقت سابق، فلماذا تذهب بعيدا عن وجهتك، أفصح عما يدور في ذهنك فالأمر لن يتغير سواء ذكرته اولا ام ذكرته اخرا.

قال احمد: كنت أريدأن اعرف حكم أعمالي قبل أنأبين لك ما صدر مني، فقد كنت احتال أحيانا على نفسي من خلال شرب قليل من الماء عندما كنت اشعر بالعطش، وكنت أتناول الماء يوميا طوال فترة صيام رمضان.

في هذه اللحظة وضع الأب يده على وجهه خجلا مما سمعه من ابنه، واخذ يقلب تفكيره يمينا وشمالا ويحاول ان يجد طريقا يستطيع من خلاله إنقاذ ولده من هذه الورطة، وبعد فترة من الصمت عاد متسائلا عن تاريخ حصول هذه المخالفات.

فقال الابن: إنني كنت افعل ذلك في السنوات الأولى التي كنت فيها اشعر بعدم قدرتي على المقاومة للعطش؛لأني كنت في العاشرة من عمري، وبقيت على هذا الوضع لمدة ثلاثة سنوات، وعندما بلغت الرابعة عشر تركت ذلك فقد اشتد عودي واصبحت متعودا على الصيام.

فقال الأب: الحمد لله أن ما وقع منك كان في فترة سابقة على تكليفك الشرعي، وقد كنت خائفا من أن تكون قد مارست هذا العمل وأنت مكلف؛لأنك في هذه الحالة ستتعرض لعواقب وخيمة، ولعل الله سبحانه أراد لك الخير؛لأنكبدأت الصيام في وقت مبكر، فلو انك بدأت الصيام في وقت قريب من عمر التكليف ربما كنت الآن مطالبا بالصيام، وبالكفارة أيضا، ونحمد الله أن الصيام كان في الصغر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك