المدونون المؤثرون في العراق لهم قدرة فائقة على صناعة رأي عام خلال دقائق معدودة على الفيس بوك ؛ بمجرد أن يكتب أحدهم عن قضية ما ستجدها تنتشر كالنار في الهشيم ؛ لكنهم للاسف يتركون لب القضايا وينشغلون بقضايا سطحية لاتمت لمعاناة الشعب العراقي بصلة ؛إنهم منشغلون بالنستلة ! انهم لايتحملون مسؤولياتهم فهم يجاملون ويحترمون من يمتلك القوة وأساليب الدمار والقتل ويهاجمون ويعتدون على من يفتقد لتلك الأساليب القذرة !
في الجمعة الماضية تعرضت العوائل العراقية الى معاناة شديدة أشبه بمعاناة جسر بزيبز بسبب الاعتصامات والاجراءات الامنية التي رافقتها والأوامر العسكرية بقطع الطرق المؤدية الى بغداد ؛ الاف العوائل بقيت عالقة داخل سياراتها في العراء مع الجو المغبر بإنتظار ساعة الفرج التي لم تأت الابعد أكثر من إثنتي عشرة ساعة ؛لقد كنت مدعوا لمقابلة تلفزيونية في إحدى القنوات الفضائية العراقية وصلت اليها بشق الأنفس بعد ان ترجلت مئات الأمتار وركبت عشرات الكيات ماكنت لأصل الى الموعد المتفق عليه لولا خروجي قبل ثلاث ساعات قبل بدء الموعد ؛ كل هذا يحدث والمدون العراقي النشط لم يسلط الضوء على هذه المعاناة ؛
يلعب المدونون دورا لايقل تأثيرا عن دور حكومة الظل ؛ كما ان أحدهم حين ينشر خبرا نجد ان الحكومة تتفاعل معه ؛ تتخذ قرارا بشأنه تارة وتنفيه تارة أخرى ؛ انهم قادرون على ايصال صوتهم ؛ أحدهم إدعى بانه محرك التظاهرات وموقد شرارتها الأولى وهذا جيد وهو اعتراف بالقدرة على تحريك الجماهير وكسب التأييد الواسع لكل قضية يريد طرحها المدون ؛ لكن لماذا السكوت ؟ أين أنتم من الأحداث التي عصفت بالعراق ؟ لماذا تتحالفون مع السياسيين ؟ لماذا يسيل لعابكم على دعوات هذا السياسي الطائفي وذاك السياسي الفاسد ؟
شهرة أغلب المدونين لم تأت نتيجة لفكر أو عبقرية أو براءة إختراع أو إنجازات قدمت خدمة للبشرية بل جاءت بسبب إطلالاتهم المتكررة على القنوات الفضائية وغالبيتهم يعملون كمقدمي برامج تلفزيونية والناس تعتبرهم كالمعصومين من الخطأ وتتابع منشوراتهم وتصدق كل ماينشروه ومايكتبوه ؛ أما شهرة المدونات فصورة واحدة " خلاعية " كافية لجمع الاف التعليقات والمشاركات !
هنالك الكثير من المفكرين الصالحين لقيادة البلد يطرحون أفكارهم ايضا على الفيس بوك لكن هذه الأفكار المحترمة لم تحصل على الشهرة ولم تحصل على " مشاركة " واحدة أو " لايك " واحد وتبقى طي الكتمان ! إذا أردت أن تعرف حقيقة ماكان يفعله المدون فانتظر طرده من الوسيلة الاعلامية التي كان يعمل بها حينها سيصب جام غضبه على العاملين معه ويتهمهم بابشع الاتهامات ويتناسى بانه كان جزءا من المنظومة التي ادارت تلك الوسيلة ؛
المضحك إن المدونين يسخرون من بعض السياسيين ويتهمونهم بأبشع الإتهامات من خلال الكتابة في الفيس ونرى في اليوم الثاني ان هذا المدون الساخر والشاتم يجري لقاءً تلفزيونيا مع ضيفه ذلك السياسي الذي شتمه بالأمس ؛ لكنه أثناء اللقاء يمتدح ضيفه ويحترمه أشد الإحترام وعلى بعد خطوة واحدة من تقبيل يده ؛ وبعد البث المباشر يقوم بتمرير فايل التعيين له أو لأحد أفراد عائلته للسيد المسؤول ؛ ومن ثم تبدأ العلاقة الودية المباركة !
أين يلتجئ المواطن العراقي المستقل حين يشعر إن الجميع يغردوا خارج سرب معاناته .
https://telegram.me/buratha