ما ان اعلن السيد حيدرالعبادي رئيس مجلس الوزراء عن العمل للتغييرات الوزارية المحتملة على اسس جديدة والاعتماد على الكفاءات حتى اهتزت رقاب وارجل الكثير من السياسيين والكتل خوفاً من ان تنال رقابهم (الامر الذي يجعله اكثر عرضة لاحتمال سحب الثقة منه واستبداله بشخص اخر يحظى بقبول بعض الاطراف ) وتقع مصيبة كشف العورات والفساد على رؤوسهم ،حتى بدأت الاحزاب السياسية بتصعيد خطاباتها ومطالبها للحفاظ على حصصها في الحكومة بدون تغيير والسعي للالتفاف على هذه الخطوة وفوائدها وهي من المطالب الرئيسية المهمة التي تنتظرها الجماهير بفارغ الصبر لتحسين ظروفها السياسية والمعاشية والاجتماعية والدفاع عن المظلومية التي شملت كل مكوناته وازالة كل من وقف بالضد امام ارادتهم وحقوقهم .ولعل من الامور المستعجلة هي تشكيل حكومة تكنوقراط، ومن الضرورات وضع خارطة طريق للإتيان بحكومة قادرة على التنفيذ ، ما يستلزم وقفة سياسية استثنائية ومقتدرة لوضع خارطة الشروع لتحقيق الاصلاحات . بإنهاء الهيئات واللجان الاقتصادية التي تمتلكها الاحزاب كأول خطوة للإصلاح والقضاء على الفساد المالي والإداري لمن يرغب من القوى السياسية بالإصلاح لان القوانين العراقية وللأسف لاتلاحق الأحزاب التي تتضخم مالياً بشكل سريع وتحصل على موارد بعدة طرق، وهذه مشكلة حقيقية تؤثر بشكل سلبي على الوضع المالي لعموم البلد وحتى قانون الاحزاب فصل وفق ماتريده الاحزاب المسيطرة على الوضع السياسي الهش وتبني مفاهيمها واستحكام ارادتها عليه وعلى ان يبدأ كل حزب بإصلاح نفسه بدلاً من الاكتفاء بالشعارات الفضفاضة والدعوات لمكافحة الفساد عبر وسائل الاعلام، فإنهاء الهيئات واللجان المالية التابعة للأحزاب والكتل السياسية والتي اصبحت فوق القانون هي الخطوة الاولى للإصلاح الحقيقي .
.وفي ضوء الحراك المتواصل نحو البدء بمشروع إصلاحي سليم ومن باب الحرص على المساهمة في ضوء مايجري نود ان نبين ما يلي:
1 لايمكن الوصول الى المراد إلأ بتنازلات متبادلة عادلة تتم من خلال حوار صريح يستند لأسس مشتركة، اعتماد الوسيط الموثوق لدى الاطراف المتنازعة لتحقيق المصالحة الوطنية يمتلك العمق الاجتماعي والتأثير الواسع في وجدان الشعب ونقترح تشكيل مجلس من الحكماء كآلية عملية تتبنى تحقيق هذه المهمة الشاقة لان تعدد دعوات الإصلاح يتطلب صياغتها ضمن مشروع وحدة الصف الوطني و يضمن تظافر جميع القوى السياسية على تحقيقها ويتلافى تشتت الجهود وتقاطعها. ويتم من خلال حوار وتواصل صريح وشفاف يستند على أسس متفق عليها ومنها الإيمان بوحدة العراق ارضا وشعبا بعيداً عن الاملاءات الخارجية وتساوي جميع الافراد في الحقوق والواجبات على اساس المواطنة والانتماء للعراق مع حماية المناخات الدينية من تدخل المتطرفين وتثبيت الديمقراطية الحقيقية دون اللف والدوران وتوفير الضمانات لاحترام حقوق الانسان والحريات الفردية وتعزيز التسامح الوطني والتلاحم بين فئات وطوائف الشعب كافة .
2- الإعداد لوثيقة دستورية جديدة لان الدستور الحالي يحمل الكثير من الفجوات الواسعة، بالاعتماد على فريق من الخبراء القانونيين والسياسيين خلال مدة زمنية كافية واحترام المنجزات التي ضحى الشعب من اجل تحقيقها ، باعتباره مرجعية سياسية والانتخابات كآلية ديمقراطية ومؤسسات الدولة، وان اي مطالبة بالتعديل والتغيير لابد ان تكون ضمن الاليات الصحيحة بموافقة اغلبية الشعب عليه، كذلك رفض الابتزاز السياسي وداعمي الارهاب وانهاء المشاكل كوسيلة لتحصيل المزيد من المكاسب التي تتجاوز السقوف العادلة للاستحقاقات ورفض كل الوسائل غير الدستورية .
3- مراعاة ضوابط الوطنية والمهنية والنزاهة والكفاءة في اختيار قيادات البلاد المدنية والعسكرية والسعي لإصلاح بناء دولة مؤسسات ويركز على مجموعة خطوات كأولوية في تحقيق الاصلاحات منها تعديل قانون الانتخابات ليوفر فرصة حقيقية لخيارات الناخبين ويفرز تمثيل حقيقي لإرادة المواطنين، بمنح المقعد للمرشح الاعلى أصواتا ثم الذي يليه وهكذا بغض النظر عن الانتماء للقوائم، بالاضافة الى إعادة تشكيل مفوضية الانتخابات بعيدا عن المحاصصة وهيمنة الاحزاب التي تعيد ذات الاحزاب في كل انتخابات، من خلال تكوين مفوضية تعتمد الكفاءة القانونية والفنية والاستقلالية بترشيح أساتذة جامعيين متخصصين وبمعونة الامم المتحدة لنضمن توفر جهة رقابية شفافة وحيادية تدير العملية الانتخابية.
4- تطوير الثروات الطبيعية ومراجعة العقود السابقة وفق مبدأ تحقيق أعلى منفعة للشعب العراقي، وكذلك تأسيس هيئة مستقلة للتفتيش العام يكون لها رئيس يرتبط به المفتشون العموميون في الوزارات بعد اعادة النظر بشخوصها على ان يتم التعيين بمصادقة البرلمان المنتخب. والاعداد لانتخابات برلمانية جديدة والتحضير له خلال فترة زمنية ، لان المجلس الحالي لايستطيع ان يقدم شيئا مهما بسبب خضوعه لتوافق المكونات ، والهيمنة الطائفية والاثنية.على ان تكون الانتخابات باشراف اجهزة رقابية مستقلين حقاً عن السلطة التنفيذية ويكون ترشيحهم من قبل منظمات المجتمع المدني والجمعيات السياسية المخلصة غير المشاركة في الحكومة وبذلك نضمن استقلال تلك الاجهزة الرقابية في اداء دورها في محاسبة المسؤولين وتدقيق عملهم ومكافحة الفساد.
5- تشريع قوانين تتضمن عقوبات رادعة لكبار المسؤولين الذين يوظفون نفوذ السلطة ومقدرات الدولة لتحقيق مكاسب فئوية غير مشروعة تشمل عقوبات الحرمان من العمل السياسي لفترات معينة أو مدى الحياة وفقاً لطبيعة المخالفات المرتكبة، وكذلك توحيد جهود اجتثاث منابع المنهج البعثي والتكفيري من خلال إقامة مؤتمرات الحوار بين الاديان بمشاركة جميع الطوائف والمذاهب وقيام وسائل الاعلام بإبراز الاسلام الاصيل الذي يرفض هذه الممارسات الهمجية.
6- الاهتمام ببناء قوات مسلحة مهنية وحيادية تتربى على عقيدة وطنية وقطع الطريق على محاولات إضعاف القوات المسلحة وعدم إخلاء الساحة لعبث الانانيين وذوي المصالح الضعيفة، وكذلك حصر السلاح بيد الدولة وتقنين عمل الفصائل المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي ومنع حمل السلاح في المدن إلا للقوات الحكومية . ومواصلة العمل على تحرير البلاد من داعش والنشاطات الارهابية وإشاعة الامن والاستقرار في الوطن ، والسعي لحل معضلة النازحين وتأمين عودتهم الامنة الى ديارهم بعد التأكد من سلامتهم الفكرية.
7- تطوير اداء البنوك الداخلية ومواصلة الاصلاحات وتوسيعها في جميع المجالات والحرص على مكافحة الفساد وهدر المال العام وتوفير الخدمات للسكان.و دعم مصادر الايرادات المالية من غير النفط خصوصاً في مجال الزراعة وتطوير الصناعة المحلية والقطاع الخاص و تحفيز المواطنين على الإدخار في المصارف من خلال زيادة الفائدة الممنوحة للايداعات وبذلك توفر الحكومة سيولة نقدية تنفع مواطنيها غير القادرين على استثمار اموالهم وقد تستغني بذلك عن الاقتراض من البنوك الاجنبية ذات الشروط القاسية.
على اية حال لقد أضرت العملية السياسية ببناء الدولة في البلد، باحيائها الانتماءات الثانوية بدل الانتماء الاصيل وابراز الهوية الطائفية والقومية ( مع كل التقدير والاعتزاز بها ) على حساب الهوية الوطنية ، و عدم افساح المجال امام تشكيل احزاب جماهيرية قوية تستطيع العمل في اجواء سليمة، تخلو من اقصاء الاخر والتلويح بالسلاح، سلاحها الاوحد هو الفكر والحوار، فكثير من الاحزاب العراقية الحالية تشير الى الوطن والمواطنة وتتحدث عنها، الا انها لا تتبناها في تعاملاتها اليومية وداخل تنظيماتها، ولا اعتقد ان الاحزاب المسيطرة اليوم تستطيع الاستمرار باعطائها الوعود التي لم يتحقق منها اي شيء ، بالعكس سوف يدفع بالمواطن الى البحث عن احزاب اخرى لها برامجها في بناء المجتمع واعمار البلد، الحاجة ان نحسن اختيار الأسلوب المناسب للمواقف ونحسن التعامل والاهم أخلاقية التعامل ورقيها وأن ندرب أنفسنا بأن نكون ابناء شعب عرفه التاريخ ومنبع الحضارات بصدق..دون نفاق
https://telegram.me/buratha