قيل إنّ "العقول الصغيرة تناقش الأشخاص والكبيرة تناقش الأفكار". بيد أنّ الأشخاص في كثير من الأحيان يعكسون أفكاراً تساهم في تحديد المراس الإجتماعي والسياسي، وخير دليل، جدلية الإرهاب التي عانى ويعاني منها العراق على مستوى الواقع والنظرية.
إنّ محاولة وضع تعريف موحِّد للإرهاب، تكشف النقاب عن كم هائل من الإرهابيين الذين يعيشون بيننا بطريقة طبيعية وكأنهم جزءاً من الدولة، ولعل بعضهم ضمن الطبقة السياسية المنادية بإجتثاث الإرهاب!..
قد يتخفى الإرهاب تحت عناوين مختلفة، منها القانون أو الشريعة أو حتى التقاليد، غير إنه يجتمع تحت سقف تعريف موحّد "إستخدام القوة والسلاح لفرض معتقد أو فكرة أو موقف" بغض النظر عن نوعية السلاح المستخدم، سواء كان عجلة مفخخة أو مسدس أو حتى سكين صغيرة؛ طالما كانت النتيجة تؤدي إلى سلب حياة إنسان.
في عراق اليوم، فضلاً عن إجماعه العقائدي على رفض الإرهاب، يوجد دستور ونظام يكفل الحريات الثلاث ( الرأي والتعبير والعقيدة). الإختلافات الكلامية المتمظهرة على شكل نقاشات ومناظرات، تعد ظاهرة مهمة من ظواهر تنمية النظام الديمقراطي المنسجم مع عقيدة غالبية الشعب العراقي. تحت هذا السقف توصف تلك الإختلافات بالرقي وتعكس تطوراً أو على الأقل، محاولة تطوير الوعي السياسي المكوّن من آراء تتقارب وأخرى تتقاطع.
عندما يخرج الإختلاف من طور النقاش والرأي، ويترجم بطرق الدعوة إلى العنف أو التخوين، فإنه يهبط إلى مستوى الضحالة، وفي حالة الإستمراء أو ممارسة العنف للدفاع عن رأي ما فأنه يتحوّل إلى إرهاب حقيقي، لا يختلف عن الإرهاب الذي يمارسه "الدواعش" سوى في الوسيلة المستخدمة!..
هنا غابت الفروقات العقائدية، وكما نعلم إن الإرهاب عادة ما يبني ممارسته على نص محرّف أو مزوّر، فما هو القاسم المشترك الذي جعل المختلفين عقائدياً يمارسون ذات الإرهاب؟!
إنّ الجواب على هذا السؤال يتطلب البحث في سير ذاتية للأشخاص الذين يمارسون الإرهاب، وعند الإطلاع على تلك السير نجد إنّ العامل الرئيسي الذي يجمع الإرهاب هو العامل الإجتماعي، وعقد الشذوذ و "النبذ"، وهذه سمات عابرة للأديان والمذاهب.
في صفوف داعش غالبية وجدت بالأجرام جلداً يمكن أن يخفي حقيقتها المرفوضة إجتماعاً. وفي صفوفنا أيضاً يوجد هذا النوع، لكنه أقل حظاً من الدواعش، لذا لجأ إلى الصراخ وعندما لم يحقق شيئاً أرتدى ذات الجلد الإجرامي الذي أرتداه زميله الداعشي..والغاية واحدة؛ التخلص من شبح الرفض والعار الإجتماعي.
أحد نواب التحالف الوطني، وتحديداً من دولة القانون، إستخدم ذلك الجلد مؤخراً معرباً عن حقيقة الإرهاب الكامنة في داخل البرلمان وكاشفاً روح صنعتها عقائد منحرفة وأدران إجتماعية، ومبرهناً على إنّ الإرهابيين يمكن أن يختلفوا عقائدياً لكنهم يتطابقون إجتماعياً.
السؤال الذي يواجه العراق ومستقبله؛ ما الفرق بين القاتلين، الخاطفين، وهل من يشرع بالقتل يمكن الوثوق بتاريخه؟! سيما إذا كانت تحوم حوله الشبهات..
ثمة فرق وحيد؛ الداعشي يأخذ إمتيازاته من خلال التخفي عبر الخليفة، والنائب الإرهابي التحالفي (القانوني) يستحصل تلك الإمتيازات عن طريق برلمان رسمي يمثل شرعية الدولة!..
https://telegram.me/buratha