يروي الشيخ المفيد وغيره من المحدثين والمؤرخين، ان الإمام الحسن عليه السلام، كتب إلى معاوية:(أما بعد فأنّك دسست الرجال للاحتيال والأغتيال، وأرصدت العيون، كأنّك تحب اللقاء، وما أشك في ذلك، فتوقعه إن شاء الل).
يروى ان معاوية أستعمل الحيّل في صفوف جيش الإمام عليه السلام، فأخذ يعد ويمني قادة الجيش، ورؤساء القبائل، بالمال والمناصب، حتى أستمال كثير منهم بهذه الحيّل، ومن أقرب الناس للإمام عليه السلام، كأبن عمه، عبيد الله بن العباس، وغيره من القادة، مثل: الحكم الكندي، والمرادي، وعمرو بن حريث، وشبث بن ربعي، والاشعث بن قيس.
بعد أن ضمن معاوية ولائهم، وانحرافهم عن الإمام عليه السلام، ووعدوه هم وكثير من رؤساء القبائل، من المنافقين، والمتخاذلين، والشّكاكين بتسليم الإمام إليه.
حتى وصل الأمر بالإمام عليه السلام، أنّه صار يلبس الدرع تحت ثيابه عند الصلاة، ليأمن غدرهم، وقد رماه أحد الخوارج بسهم في الصلاة، وشدّوا على فسطاطه وأنتهبوه في ساباط المدائن، وأخدوا مصّلاه من تحته، ونزع رجل رداءه، وطعنه آخر فخذه بخنجر مسموم فشقه حتى بلغ العظم.
قبل هذا لما بلغ الإمام عليه السلام، خروج معاوية إلى العراق، صعد المنبر ودعى الناس إلى القتال، فلم يجبه أحد منهم بحرف، ولمّا رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال: سبحان الل ما أقبح هذا المقام، ألا تجيبون أبن بنت نبيكم؟ أين خطباء مصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فإذا جدّ الجدّ فروّاغون كالثعالب؟ أما تخافون مقت الل ولا عنتها وعارها.
لما يئس من أصحابه( عليه السلام)، أجاب معاوية على الصلح وشرط عليه الإمام الشروط، يروي الشيخ الطبرسي في (الاحتجاج)، أنّه لمّا صالح الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان، دخل الناس فلامه بعضهم على بيعته، فقال( عليه السلام):
(ويحكم ما تدرون ما عملت، والله للذي عملت لشيعتي خير ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت، ألا تعلمون أني إمامكم ومفترض الطاعة عليكم، واحد سيدي شباب الجنّة بنص من رسول الل(صلى الل عليه وآله) عليّ؟).
يروي الشيخ المفيد"ره"، أنّه لمّا أستقر الصلح بين الحسن"عليه السلام"ومعاوية خرج الحسن"عليه السلام"إلى المدينة، فأقام بها كاظماً غيظه، لازماً منزله، منتظر لأمر ربه عز وجل، إلى أن تم لمعاوية عشر سنين من إمارته، وعزم على البيعة لابنه يزيد، وإذ إن هذا يخالف شروط الصلح، الذي أبرمه مع الإمام"عليه السلام"، ثم بسبب ما كان الحسن"عليه السلام"، يلقاه من إجلال وتوقير وإقبال من الناس، فلم يكن عليه شيء أثقل من أمره"عليه السلام"فصمّم على قتله.
ثم إنّه أحضر سمّاً من عند ملك الروم، دّسه إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس مع مئة ألف درهم، وضمن لها تزويجها من يزيد إن قامت بتسميم الحسن"عليه السلام"، فسقته جعدة السمّ، فبقي أربعين يوماً مريضاً، والسمّ يفعل فيه فعله، ثم مضى لسبيله في شهر صفر، سنة خمسين من الهجرة، وله يومئذ ثمانية وأربعون عاماً، وكانت خلافته عشر سنين، وتولّى أخوه ووصيّه الحسين"عليه السلام"، غسله وتكفينه ودفنه عند جدته فاطمة بنت أسد"رضي الل عنها"بالبقيع.
https://telegram.me/buratha