عويلُ نساءِ القرية دحرَ سكونَ الفجر ما بعد الصلاة .. لعلّه , الميّتُ , أكبر قاطني القرية عمراً والكثير منهم كانوا يعتبرونه ذاكرة القرية دون منازع .. الجميع توجّهوا نحو مسجد القرية لحضور مراسيم الصلاة عليه .. وهناك في بيوتاتها القليلة والمتفرقة , ثمة مخاض لولادات جديدة تحقّق أوّلها مع أوّل حزمة لأشعة الشمس ..
****
فضيحة
للمرّة الثانية , وربما العاشرة , قام بنشر ذات التنويه , في صحف المدينة المختصة بنشر الإبداع الأدبي .. " صحيح أنني كتبتُ بإسم مستعار لظروف خاصة بي , ولكن هذا لا يعني بأيّ حال , السماح للبعض بسرقة مجهودي .. لذا إحذّرهم بشدّة , وللمرة الأخيرة من سرقتي مرة إخرى .. " .
في وقت ما من السنة التالية , حدثتْ ضجةٌ كبيرة حول فضيحة أدبية كان هو بطلها , فقد تمّ وبالدليل القاطع إدانته بسرقةِ مخطوطةِ روايةٍ لصديقه الذي مات قبل سنتين تقريباً .
*****
ذهول
في لحظةِ غفلةٍ , إنشغل بنفسهِ عن نفسهِ , وها هو يبصر الدماء تصبغ جسده في أكثر من مكان . لم يستوعبْ كاملَ المشهد في الوهلة الإولى وهو يرنو للحاضرين من أهله وبعض معارفه وقد شكّلوا دائرة غير منتظمة حول جسده المسجى بإهمال واضح . أيقن بتجاهلهم له وما يتكبّده من ألمٍ . أراد أنْ يصرخ , بل صرخ فعلاً وبأعلى صوته . وذُهِلَ مرّة إخرى , إذْ لم يتنبّهْ لصراخه أحدٌ منهم رغم شعوره بأنه ربما يسعُ الكونَ كلّه .عاجلوا بوضعه داخل صندوق خشبي بائس . ضاعف من صراخه إحتجاجاً , لكنه لم يلمس أيَّ ردِّ فعلٍ لدى كل الموجودين سوى إشتداد صراخٍ آتٍ من نسوةٍ تجمّعنَ حشدٍ من الرجال وقد قاموا بوضع فوق السيارة .
*****
خلود
أفنى شطراً كبيراً من عمره في البحث عن سرّ الخلود في الحياة. طاف في مشارق الأرض ومغاربها. وأخيراً إعتقد, أو كادَ, أنه إقترب من ذلك حين صادف رجلاً غريب الهيئة, في صحراء, بدتْ في سعتها, لا متناهية. وقد وقف بزهوٍ قرب رأسِ رجلٍ كان واضحاً أنّه مات للتو وهو مرمي على الأرض فيما إنعكست أشعة ضوء شمس الظهيرة على ذرات رملها الصحراوي.رماه الرجل بنظرة, فأرعبته كما لو أنها وخزته في قلبه. أراد أنْ يتحاشى هذه النظرات وأيضا لكي يبدّدَ القلق الذي ساوره, بادره بالسؤال متعلثماً, فخرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيه المرتجفتين" مَنْ أنت ومَنْ هذا الرجل الذي أمته دون رحمة؟؟". أجاب الرجل الغريب الهيئة بعجلٍ" هذا الرجل هو جلجامش. أمّا أنا فلا شأنَ لك بي, وقد جئتك قابضاً أيضا لروحك".
*****
صوت
في لحظةٍ وقفَ مباعداً ما بين قدميه وبقامته السامقة , كان يعرف بأن الوقت ليس نهاراً ولا هو من الليل , بل لمْ يعر ذلك أيّما إهتمام . إشرأب بعنقه وبدأ يبصر نحو الأعالي ثم صاح وهو يعتقد بأنّ ما سيقوله سوف يصل لكلِّ كائناتِ المجرّات المتناهية , بل كلّ الوجود . صاح " أنا الإنسان سيّد هذا الكون دون منازعٍ , ولكنّ أبناء جنسي تسافلَ معظمُهم ويصرّون دوماً على إجباري بأنْ أخلع آدميتي
https://telegram.me/buratha