المقالات

من اجل بنى تحتية للقوات الامنية (7) المعسكرات المتكاملة

1877 14:56:54 2015-10-11


=====================
مدخل 
=====================
منذ اقدم الازمنة اعتادت الامبراطوريات ان تحصن مدنها امام الهجمات ببناء سور ضخم يحيط بكامل البلدة وبوابات ضخمة محصنة ومواقع للرماة في اعلى القلاع الحصينة , واستمر هذا المبدأ ساريا مع اختلاف المسميات والتكتيكات , فبدلاً عن تسوير المدن صارت القواعد العسكرية في اطراف المدن تحميها من السقوط ولعل القاريء يلاحظ ان الجيش الامريكي الذي احتلنا وضع في اول اولوياته امران , معسكرات متكاملة وقواعد لجيوشه في مناطق متفرقة خارج المدن كمعسكر ليبرتي والمطار وغيرها , والامر الثاني بناء قلعة حصينة لمدينة مصغّرة اسماها المنطقة الخضراء .
في مقالنا هذا سنتطرق الى اهمية بناء المعسكرات الدائمة الشاملة , واهمية استغلالها بشكل يرفع من درجة الامن والاستعداد والمطاولة في احلك الظروف.

=====================            

 معسكرات متكاملة
===================
لعل من ابرز علامات ضعف القوات العسكرية والامنية العراقية هو تشتت وحداتها القتالية وانفتاحها الشديد والواسع بلا مراكز تجمع معتبرة ومتكاملة , وهو امر اثر بشكل بالغ السوء في تشتت الجهود العسكرية وارتباك الاوامر وانتشار ظاهرة الضيفيات .
وزاد الامر سوءاً حين تم استبدال فكرة المعسكرات الثابتة بمسمى قيادة العمليات , التي ربطت وحدات منوعة بالاوامر العسكرية دون ان تقدم لتلك الوحدات اية خدمات لوجستية , فحين تتحرك وحدة عسكرية من العمارة الى الانبار ترتبط وتكون تحت إمرة قيادة عمليات الانبار , لكنها تبقى لوجستيا مرتبطة بكل الاشكال الادارية بمافيها العتاد والطعام والماء وابسط الاحتياجات بتشكيلاتها الأم في العمارة مثلاً , الامر الذي صنع فوضى لوجستية لامثيل لها من الخطوط المتشابكة المعقدة , فكانت  قيادة العمليات ابعد ماتكون عن المعسكرات المتكاملة , وانما تتعامل مع الوحدات المرتبطة بها  بطريقة بالغة المركزية في جوانب , وبالغة التسيب في جوانب اخرى , وبطريقة لاتتحصن معها القوات فلاتتمكن من حماية تشكيلاتها فضلاً عن حماية المدن التي تتواجد بها .

وقد اثبتت التجارب العملية في معركتنا ضد الارهاب ان مدناً باكملها سقطت بيد  الارهاب, لكن المعسكرات والقواعد المحصنة ضلت منيعة امام تلك المجاميع , وبقيت رمزا للمقاومة والمطاولة وادامة المعركة , بل وادامة الزخم وتحقيق انتصارات في استعادة بعض المناطق برغم فوضى التنسيق بين الوحدات .

فقاعدة سبايكر او قاعدة البغدادي والحبانية بقيت صامدة بوجه الهجومات الارهابية , ولو لم يخرج جنودنا المغدورين من قاعدة سبايكر , مثلاً , لماتمكن الارهابيون من ارتكاب مجزرتهم , رغم ان المحيط الذي يلف تلك القواعد هو محيط معادي بالكامل ,وحتى مصفى بيجي , كان بتحصيناته اقرب الى شكل القاعدة العسكرية , وبقي للان عصياً على الارهابيين برغم الانكسارات العسكرية لقواتنا في محيط المصفى .

ولعل من اهم الاسباب الذاتية (فضلاً عن الموضوعية ) التي مكنت الجيش السوري من المطاولة امام مختلف التشكيلات الارهابية , يعود الى امتلاك الجيش لقواعد عسكرية عملاقة تمكنه من المطاولة لفترات طويلة دون انكسار حتى لو انتقطعت عنه الامدادات المركزية لاشهر طويلة .
وقد كان نظام الجيش العراقي ايام حكم الطاغية صدام يعتمد اسلوب المعسكرات المتكاملة , فكان الفيلق الثالث في منطقه الدير بالبصره .والفيلق الرابع في البتيره بالعماره,  والفيلق الثاني في منصوريه الجبل بديالى, و الفيلق الاول في كركوك , والفيلق الخامس في معسكر الغزلاني بالموصل , ومعسكري التاجي والرشيد في بغداد, ناهيك عن معسكرات الفرق العسكرية في المحافظات كالاولى في الديوانية والسادسة في العمارة والتاسعة في الزبير وغيرها , ولولا ان تلك المعسكرات كانت شبه خالية عام 1991 بسبب توجه القوات الى الكويت , لكانت العوائق امام سقوط المحافظات الجنوبية امام بطولات الثوار اكثر صعوبة واستحالة بمراحل .

=======================
المعسكرات التي نعنيها 
=======================
نحن لانقصد هنا من ان تصمد المعسكرات وتترك المدنيين الذين من الواجب حمايتهم , تتركهم يلاقون مصيرهم , ولكننا نقصد ان وجود المعسكرات والقواعد المتكاملة (ان وجدت )  تفشل اي تقدم للعدو باتجاه المدينة وتجعل امكانيته لاسقاط المدينة من الصعوبة بمكان , فلو ان القوات التي كانت في الموصل , والبالغ عددها 60000 مقاتل (اي انها اكثر من قوات الصدمة في انزال النورماندي !!!) قد قررت ان لابد من الانسحاب , وانسحبت الى معسكر الغزلاني وقاتلت واستقبلت الامدادات من هناك لكان من المحال ان يسيطر الارهابيون على الموصل , في ظل وجود قوات قوامها ستة فرق عسكرية متحصنة , وتحول تحصينها من الدفاع الى الهجوم . وبلا خسائر لألاف المعدات .

لقد صمدت معسكرات سبايكر والحبانية والبغدادي برغم انها ليست معسكرات متكاملة , لكنها برغم عيوبها بقيت عصيّة .
ان مانقصده بالمعسكرات المتكاملة , هي معسكرات ضخمة تكون في مشارف المدن الكبرى الاستراتيجية , تحوي تلك المعسكرات على مخازن محصنة لمختلف صنوف الاسلحة والمعدات والأليات والاعتدة , ومراكز تدريب متطورة وساحات للعرضات والتدريب, وسجن و ميدان رمي مغلق ومفتوح ومدرج للطائرات ومهابط للمروحيات ومستشفى كبير ومعامل تصليح للاليات والاسلحة ومرائب للعجلات وموانع اصطناعيه وابراج مراقبة ودفاعات جوية, ومنظومات رادارية ,ومواقع للدبابات والمدرعات,  مشاجب للاسلحة والاعتدة... وساحات للتخييم و مرابض للمدفعية, و معامل مختلفه و سور ضخم ومحكم وساتر محيط و قوه انضباط عسكري .

كما يحوي المعسكر الدائم على مراكز قيادة وسيطرة متطور , والميرة وخدمات ادارية ولوجستية و مخازن للتموين , مبردة وعادية , وافران صمون, ومطاعم ومطابخ , وقاعات منام ومنظومة للصرف الصحي, ومحطة تحلية مياه وآبار, وملاجيء و تشجير و بدالة ومعمل للخياطة و ابنية ادارية , وساحه احتفالات وحزام اخضر,و ملاعب ,ومراكز للاتصالات و بدالة ومراكز انترنيت , ومراكز ابحاث ودراسة, ومكتبات و قاعات اسكان كبيره و صالات موتمرات و خزانات للوقود , ووحدات الاطفاء ,ومجمعات سكنية , ومجموعة كبيره من الحمامات والصالات الرياضية  والمسابح ونادي للترفيه, وفروع لبنوك  و مراكز للبيع المباشر ( مولات), وشقق سكنيه للمراتب ومجمع سكني للضباط ,  قاعة مسرح, و خدمات شخصية ( حلاقة , لوندري, اسواق ), وغيرها من انواع الخدمات.

======================
مواقع المعسكرات الثابتة
======================
لابد من ان تكون مقرات المعسكرات الثابة في محيط المدن لافي داخلها , منعاً لعسكرة المجتمعات المحيطة , ولإبعاد الاحتكاك بالمدنيين , وللتمكن من السيطرة على محيطها بلا حواجز او قيود , فمن غير المعقول ان تكون قيادة قوات الحدود في البلديات , وقيادة الشرطة الاتحادية ,  بمستوى فيلق , في ساحة النسور , وميرة الداخلية في ابي غريب و مديريات مختلفه جميعا داخل العاصمة وانما يجب دفعها ودفع مثيلاتها الى محيط بغداد وكذا بالنسبة للمحافظات , والامر ذاته ينطبق على وزارة الدفاع وتشكيلاتها , فيفترض ان تكون هنالك قيادات فرق بمعسكرات متكاملة في الجهات الاربع للعاصمة خارجها , وهو امر يعزز امن المناطق تلك وامن العاصمة , لاسيما وان المعسكرات تكون عادة هدف للارهابيين , لذا فإنّ ابعادها عن المناطق المدنية يبعد جزئيا شرور الارهابيين وعملياتهم عن المدنيين , فيما تتمكن المعسكرات الحصينة من الدفاع عن معسكراتها بشكل افضل خارج المدن.

======================
الجدوى الامنية للمعسكرات 
======================
كما اسلفنا فان مانقصده بالمعسكرات الثابتة  هي بمثابة مدن متكاملة التسليح والخدمات , بحيث تكون عصية وفي ذات الوقت مرعبة للاعداء وقادرة على ان تحمي المدن التي تحيط بها , وتكون منطلقاً للجيوش والوحدات العسكرية المقاتلة المزودة بكل مستلزمات المعركة , وبيتأً آمناً لتلك القوات .
فمثل هذه المعسكرات تجعل العدو لايفكر في اقتحام المدينة (فضلاً عن احتلالها , بحكم وجود عملاق مدجج بالسلاح , يسهر ليل نهار على حمايتها ,وله القدرة على المطاولة بحكم ميرته ولوجستيته , وبحكم عدم انقطاعه عن باقي المعسكرات ولاعن باقي المدن ولاعن المركز ولاعن التعزيزات التي يحتاجها من خلال الطيران (وقد حصل ذات الامر في قاعدة البغدادي وغيرها باشكال متفاوتة).
كما تمتاز المعسكرات الثابتة بالتخلص من فوضى الضيفيات المرتبكة من خلال تكامل المعسكرات ووحداتها بشكل هرمي منظم , بالإضافة الى تكامل عناصر صنوف المعركة في المعسكرات من خلال اشتمال المعسكرات على مختلف الصنوف بقيادات تنسيقية موحدة قادرة على المناورة , ناهيك عن تقليل الخسائر في الارواح من خلال وحدات الاسعاف والانقاذ السريع التي تشمل بخدماتها حتى المدنيين , بالاضافة الى عامل الردع الذي تمتاز به المعسكرات الثابتة حيال النزاعات المناطقية والعشائرية , مما يساهم في استتباب الامن.

=======================
الجدوى الاقتصادية للمعسكرات
========================
تمتاز المعسكرات الثابتة بانها ذات جدوى اقتصادية من جانبين اساسيين , اولهما : اختصار الكثير من الحلقات اللوجستية والادارية من خلال مركزية خدمات الوحدات وترابطها في المعسكر الواحد , مما يقلل المصاريف الادارية والمالية للوحدات العسكرية وللافراد , وثانيهما : ان المعسكرات الثابتة الضخمة , بالشكل الذي ذكرناه , تعدُّ مشغّلاً اساسياً لإقتصاد المدن التي تقع في محيطها , فميرة وحدات تحوي عشرات الالوف , تعني تسوق يومي لمختلف المنتجات الزراعية والغذائية والترفيهية وغيرها من اسواق المدن القريبة من المعسكرات , مما يعني انتعاش السوق وحركة البيع والشراء وصناعات الورش والمطاعم وكافة المجالات الاخرى , الامر الذي ينعكس على المستوى المعيشي للسكان ويحرك عجلة الاقتصاد التكاملية .
ولايخفى علينا ان نذكر هنا فائدة جوهرية جانبية تتمثل في ان سكان المدن سيسعون الى
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك